تجسيداً لهذا الإحساس ، ويكون كل عمل أو لفظ مظهر لهذا الإحساس العميق عبادة. ولا شك أنّ المقصود بالمالكية ليس مطلق المالكية فالاعتقاد بالمالكية القانونية والاعتبارية لا يكون ـ أبداً ـ موجباً لصيرورة الخضوع عبادة ، إذ أنّ البشر في عصور : «العبوديات الفردية» بالأمس ، وكذا في عصر : «العبودية الجماعية» الراهن لا يعد امتثاله لأوامر أسياده عبادة ... فلا بد أن يكون المقصود من المملوكية ـ هنا ـ هي القائمة على أساس الخلق والتكوين وانّ شأناً من شئون حياته في قبضته.
وإليك بيان مناشئ أنواع المالكيات الحقيقية.
١ ـ قد يوصف بالمالكية لكونه خالقاً ، ولذلك يكون الله سبحانه مالكاً حقيقياً للبشر لأنّه خالقه ، وموجده من العدم ، ولهذا نجد القرآن الكريم يعتبر جميع الموجودات الشاعرة ـ مثلاً ـ عبيد الله ، ويصفه تعالى بأنّه مالكها الحقيقي وذلك لأنّه خلقها إذ يقول :
(إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) (مريم ـ ٩٣)
ولأجل ذلك أيضاً نجده يأمرهم بعبادة نفسه معلّلاً بأنّه هو ربّهم الذي خلقهم دون سواه إذ يقول :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) (البقرة ـ ٢١)
(ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ) (الأنعام ـ ١٠٢)
٢ ـ وقد يوصف بالمالكية لكونه رازقاً ومحيياً ومميتاً ، ولذلك يحس كل بشر سليم الفطرة بمملوكيته لله تعالى لأنّه مالك حياته ومماته ورزقه ، ولهذا يلفت القرآن نظر البشر إلى مالكية الله لرزق الإنسان وأنّه تعالى هو الذي يميته وهو الذي يحييه