ولاجل حلّ المشكلة المذكورة نقدّم مثالا من الاعراض الخارجية فنقول : انّ الحرارة لها معروض وهو الجسم وعلّة وهي النار او الشمس ، والحرارة تتعدّد بتعدد الجسم المعروض لها ، فحرارة الخشب غير حرارة الماء (١) ولا تتعدّد بتعدد الاسباب والحيثيات التعليلية ، فإذا كانت حرارة
__________________
(١) مراده (قدسسره) في هذا الحلّ ان يشبّه الاحكام في عالم الجعل بالحرارة في عالم المادّيات ، فكما انّ الحرارة إذا استمرّت في نفس الجوهر ولو بسبب آخر كانت امتدادا للحرارة السابقة ، بخلاف ما إذا انتقلت الحرارة إلى جوهر آخر فانّها حينئذ تكون حرارة اخرى ، وذلك لانّ العرض قائم بالجوهر ، فإذا كانت الجواهر متعدّدة ومتغايرة وجودا فسوف تكون وجودات اعراضها متغايرة بالبديهة وإن اتّحدت مفهوما ، فكذلك الامر في الاحكام فان كانت الحيثية تعليلية. اي إن كانت دخالة الخصوصيّة في الحكم حدوثا لا بقاء. فانّ الحكم اللاحق يكون حينئذ امتدادا للسابق لوحدة موضوع الحكم حينئذ ، وأمّا إذا كانت هذه الحيثية تقييديّة. اي انّ الخصوصيّة العارضة كانت مقوّمة لملاك الحكم. فالموضوعان حينئذ متغايران بالبداهة ، فلا يصحّ الاستصحاب.
وبما ان النظر في عالم الجعل واعتبار خصوصيّة ما مقوّمة واخرى غير مقوّمة من شئون المشرّع الحكيم ولا طريق لنا إلى ذلك إلّا ألسنة الادلّة ، فان عرفنا الامر في الواقع عملنا على اساسه وإلّا فلا يجري الاستصحاب في عالم الجعل لاحتمال كون الخصوصيّة الزائلة (كالتغير بصفات النجاسة) مقوّمة لموضوع الحكم ، (ولعلّ) هذا هو السرّ في قوله الآتي «غير ان الاستصحاب في الشبهات الحكمية لا يجري بلحاظ
__________________
الشيخ الانصاري يشترط وحدة موضوع الحكم في القضيتين ، فلا فرق من هذه الناحية بينه وبين صاحب الكفاية.