الصيغة الثانية : ان الاستصحاب يتقوّم بأن يكون المستصحب قابلا للتنجيز والتعذير ، ولا يكفي مجرد ترتب الاثر على نفس التعبد الاستصحابي (١) ، ولا فرق في قابليّة المستصحب للمنجزيّة والمعذّرية بين ان تكون (٢) باعتباره حكما شرعيا ، او عدم حكم شرعي ، او موضوعا لحكم ، او دخيلا في متعلّق الحكم كالاستصحابات الجارية لتنقيح شرط الواجب مثلا اثباتا ونفيا.
ومدرك هذه الصيغة التي هي اضيق من الصيغة السابقة استظهار ذلك من نفس دليل الاستصحاب ، لأنّ مفاده النهي عن نقض اليقين
__________________
(١) لعلك لاحظت انّ الفرق بين الصيغة الاولى والثانية هو انّ اصحاب الصيغة الاولى يشترطون في الاستصحاب ان يكون له اثر شرعي كما في قولنا استصحب إن كان للاستصحاب اثر عملي ، بمعنى انّ هذا الاستصحاب ينقّح موضوع حكم شرعي كما في المثال السابق ، وامّا اصحاب الصيغة الثانية ـ كالسيد الماتن (قدسسره) ـ فهم يقولون استصحب ان كان لنفس المستصحب اثر شرعي.
(٢) اي بين ان تكون هذه القابلية باعتبار المستصحب حكما شرعيا كوجوب الصلاة ، او عدم حكم شرعي كالترخيص في حكم واقعي مجهول ، او موضوعا لحكم كطهارة الماء (فانّها موضوع لجواز شربه) ، او دخيلا في متعلّق الحكم كطهارة اللباس الدخيلة في الصلاة. وقوله رحمهالله «كالاستصحابات الجارية ...» ناظر الى القسم الاخير وهو الشرط الدخيل في متعلّق الحكم ، فانّه لا شك في صحّة جريان استصحاب عدم طروء النجاسة على الثوب.
(٣) لانّه بمجرد طروء احتمال عروض رافع للحالة السابقة يزول يقيننا ببقاء الحالة السابقة ، فالمراد من النهي عن نقض اليقين ح هو لزوم البناء