الصيغة الثالثة : انّ الاستصحاب يتقوّم بأن يكون المستصحب حكما شرعيا او موضوعا لحكم شرعي (١) ، وهذه الصيغة أضيق من كلتا الصيغتين السابقتين ، ومن هنا وقع الاشكال في كيفية جريان الاستصحاب على ضوء هذه الصيغة في متعلّق الامر قيدا وجزء ـ من قبيل استصحاب الطهارة (٢) ـ مع انّ قيد الواجب ليس حكما شرعيا ولا موضوعا يترتب عليه حكم شرعي ، لانّ الوجوب يترتب على موضوعه لا على متعلّقه.
وقد يدفع الاشكال (٣) بانّ ايجاد المتعلّق مسقط للامر فهو موضوع لعدمه فيجري استصحابه لاثبات عدم الامر وسقوطه.
وهذا الدفع بحاجة (٤) من ناحية الى توسعة المقصود من الحكم
__________________
(١) هذه مقالة صاحب الكفاية قالها في التنبيه العاشر من اواخر الاستصحاب.
(٢) أي كطهارة اللباس للصلاة ـ لا كطهارة الماء الموضوع لجواز شربه ـ فطهارة لباس المصلّي ما هي إلّا شرط في الصلاة ، لا انّها حكم شرعي كوجوب الصلاة ولا موضوع لحكم شرعي كطهارة الماء.
(٣) تقريب هذا الدّفع هو ان طهارة لباس المصلي هي موضوع لحكم شرعي ، وذلك لأنّ الاحكام الشرعية هي الاحكام المنجّزة والمعذّرة ، واستصحاب طهارة لباس المصلّي موضوع للمعذّرية.
(٤) بمعنى انّ هذا الدفع بحاجة من ناحية إلى توسعة المقصود من الحكم
__________________
فيه ، فلو قيل ((تطهّر للصلاة)) عرفنا شرطية الصلاة بالطهارة ، وان قيل ((لا تضحك في الصلاة)) عرفنا مانعيّتها من صحّة الصلاة ، فهي تشبه من هذه الناحية الاحكام الوضعية كالحكم بالطهارة والزوجية ، فانها ايضا ليست احكاما شرعية ، إن هي إلّا موضوعات لها لا أكثر.