فان قيل هذا يصحّ بالنسبة الى الاثر الشرعي المترتب على المستصحب مباشرة ، ولا يبرر ثبوت الاثر الشرعي المترتّب على ذلك الاثر المباشر (١) ، وذلك لأن الأثر المباشر لم يثبت حقيقة لكي يتبعه أثره ، لأن التنزيل ظاهري لا واقعي ، وانما ثبت الاثر المباشر تنزيلا وتعبدا فكيف يثبت اثره؟
كان الجواب انه يثبت بالتنزيل ايضا ، إذ ما دام اثبات الأثر المباشر كان اثباتا تنزيليا فمرجعه (٢) الى تنزيله منزلة الاثر المباشر الواقعي ، وهذا يستتبع ثبوت الاثر الشرعي الثاني تنزيلا وهكذا.
وامّا على الثاني فقد يستشكل بأنه لا تنزيل في ناحية المستصحب على هذا التقدير ، وانما التنزيل والتعبد في نفس اليقين ، وغاية ما يقتضيه هو كون اليقين بالحالة السابقة باقيا تعبّدا بلحاظ كاشفيّته ، ومن
__________________
الواقعي فليس مناطا بالشك.
(١) مثال ذلك : لو استصحبنا كرّية الماء الذي وقعت فيه نجاسة لأفادنا الاستصحاب طهارة هذا الكرّ تعبّدا ، فلو وصلناه بماء قليل متنجّس ليعتصم ويطهر لاستفدنا طهارة الماء القليل ، ثم لو طهّرنا بهذا الماء القليل ثوبا لاستفدنا صحّة الصلاة بهذا الثوب وهكذا ... فالسؤال الآن ان تنزيل المستصحب منزلة الواقع أمر تعبّدي والقدر المتيقّن منه ـ بعد العلم بعدم وجود اطلاق في أدلّة الاستصحاب ـ افادة الاستصحاب للأثر الشرعي الاوّل دون ما بعده من الآثار ، اذ لا دليل عليها ، وهذه أمور تعبّدية فقد يكون مراد المولى تعالى ترتيب الأثر الاوّل دون غيره فما الجواب؟
(٢) عرفا ، كما رأيت في المثال السابق.