المجعول في دليل الاستصحاب هو الحكم المماثل للمستصحب ، فيقال حينئذ : إن المستصحب إذا كان هو الجامع بين الوجوب والاستحباب او بين وجوبين اقتضى ذلك جعل المماثل له بدليل الاستصحاب وهو باطل ، لانّ الجامع بحدّه لا يعقل جعله إذ يستحيل وجود الجامع إلّا في ضمن فرده ، والجامع في ضمن احد فرديه بالخصوص ليس محطّا للاستصحاب ليكون مصبّا للتعبّد الاستصحابي.
(وهذا) الاعتراض يتوقّف على قبول المبنى المشار اليه. امّا اذا انكرناه وفرضنا ان مفاد دليل الاستصحاب ابقاء اليقين بمعنى من المعاني (١) فيمكن افتراض ابقائه بقدر الجامع فيكون بمثابة العلم
__________________
وقد يعترض على جريان هذا الاستصحاب بناء على مسلك جعل الحكم المماثل الذي عرفت بيانه ـ وهو ان المولى تعالى يجعل حكما ظاهريا مماثلا لما يقتضيه الاستصحاب فيجعل حكما ظاهريا بطهارة الثوب عند استصحاب طهارته فانه بناء على هذا المبنى لو آمنّا بجريان الاستصحاب في جواز الغسل فانه سينتج حكم المولى بجواز الغسل في حالة الحرج او الضرر ، وهذا الحكم مستحيل في حقّ الباري تعالى إذ كيف يحكم المولى بالجامع مع انه لا اهمال في احكامه بل كلها محدّدة! وبتعبير آخر : هل تتصوّر ان يقول لك المولى حكم الغسل ـ بعد استصحاب جوازه او مطلوبيّته ـ انه مثلا مطلوب (المطلوبية الاعم من الوجوب والاستحباب)؟! وهذا هو مراده من قوله «إذ يستحيل وجود الجامع ـ كالمطلوبيّة ـ إلّا في ضمن فرده ـ كالوجوب ـ».
(١) كما لو فهمنا من اليقين الوارد في قوله عليهالسلام «لا تنقض اليقين بالشك» اليقين الطريقي الى متيقّنه او ان المراد باليقين مطلق الحجّة ـ بما يشمل خبر الثقة مثلا ـ ونحو ذلك من المعاني.