المسماة بالاصول العملية فلا يقع فيها التعارض المذكور (١) ، إذ ليس للاصل العملي مدلول يكشفه وجعل يحكي عنه ، بل الاصل بنفسه حكم شرعي ظاهري ، وحينما نقول في كثير من الاحيان : إن الاصلين العمليين متعارضان لا نقصد التعارض المصطلح بمعنى التنافي بينهما في المدلول ، بل التعارض في النتيجة ، لان كل اصل له نتيجة معلولة له من حيث التنجيز والتعذير (٢) ، فاذا كانت النتيجتان متنافيتين كان الاصلان
__________________
علم الباري تعالى) يكشف هذا الدليل المحرز عنه.
وكان الاولى ان يعبّر هكذا «لانّ الدليل المحرز هو الذي يكشف عن الجعل».
(١) من بديهيات الأمور انه لا يمكن عقلا أن يقع تعارض بين أصلين عمليّين ، وذلك لأنك اذا واجهت أيّ حالة تجهل حكمها فانك لا شك سترجع الى أصلها العملي المقرّر شرعا اما الاستصحاب وامّا البراءة وامّا غيرهما ، ففي مثال التدخين لن تقول ارجع الى البراءة والى الاحتياط ، وهكذا ... وانما سيتنجّز عليك حكم واحد وهو احد الاصول العملية لا اكثر. (ومن هنا) تعرف ان مراد سيدنا الشهيد رحمهالله من تقريب وقوع التعارض بين الاصول العملية هنا هو التعارض بالنظرة البدوية فافهم.
(٢) فنتيجة استصحاب الحرمة مثلا الحرمة (وهو التنجيز) ونتيجة اصالة البراءة الترخيص (التعذير). فاذا قلنا تعارض استصحاب الحرمة مع البراءة عنها فانّا نريد من هذا التعارض التنافي من حيث النتيجة (اي بين الحرمة والترخيص) ـ لا التنافي بين نفس دليل الاستصحاب ودليل البراءة ، اذ لا تعارض بينهما لكون كل أصل له مجال ومورد معيّن ـ وفي هذه الحالة علينا ان ننظر الى منشأ وعلّة هذا التنافي وهو ـ كما قلنا