ذلك الدليل ، امّا في الاوّل فواضح (*) ،
__________________
(*) لا بأس بالتذكير بمعنى الورود ، فهو عبارة عن قيام دليل تعبّدي بتنقيح موضوع دليل آخر بايجاده او إعدامه بالوجدان ، امّا في الاوّل فكورود خبر ثقة حجة على دليل ((إن جاءك خبر حجّة فلا ترجع إلى الاصول العملية)) مثلا ، فانّ علمنا بمجيء خبر ثقة يوجد تكوينا موضوع الدليل الآخر فلا تعارض كما هو واضح ، وامّا في الثاني فكدليل حجيّة خبر الثقة وانّه طريق تعبّدا فانه بفعليته ١ [اي بوجود خبر ثقة حجّة ككون اخباره عن حس وككونه لا يعارض دليلا قطعيا] وتنجّزه [بالعلم بوجود هذا الخبر] يلغي موضوع ادلّة الاصول العقلية والنقلية ، وكورود دليل البراءة الشرعية على دليل اصالة الاحتياط العقلي. بناء على مبنى السيد المصنف بمسلك حقّ الطاعة. فانه ايضا بفعليته وتنجّزه يرفع موضوع حكم العقل بلزوم الاحتياط.
وتمييز الورود عن التخصّص يكون بعدم كون الدليل الآخر في التخصّص تعبّديا ، بمعنى ان الدليل المخصّص يخبرنا عن موضوع يغاير موضوع الدليل المخصّص تكوينا لا تعبدا ، ولذلك قالوا : ان استثناء ((ابليس)) في قوله تعالى (فسجد الملئكة كلّهم أجمعون (٣٠) إلّآ إبليس أبى أن يكون مع السّجدين) من باب التخصّص لعدم كونه من الملائكة تكوينا ، وانما هو من الجنّ.
__________________
(١) ملاحظة : قلنا «بفعليته وتنجّزه» لان دليل حجيّة خبر الثقة لوحده لا يرفع موضوع الاصول العملية ، بل حتى لو وردت امارة حجة في الواقع ، بل لا بدّ من علمنا بوجود كلا الدليلين ، الامارة الحجّة ودليل الاصل العملي ، فبما أن دليل الاصل العملي مفاده ان لم تأتك أمارة حجّة فاتبعني ، فاذا جاءنا امارة حجّة (أي حجيتها فعلية فهي تخبرنا خبرا حسيّا لا حدسيا ولا تعارض دليلا قطعيا ...) فانها ستلغي موضوع الاصل العملي ، وباصطلاح الاصوليين ان هذه الامارة رفعت بفعليّتها (لكونها حجّة) وتنجّزها (لعلمنا بورودها) موضوع الاصل العملي ، فهي اذن واردة عليه. وهكذا الأمر بالنسبة إلى جميع حالات الورود ، فانه ح لا بدّ من العلم بفعلية الدليل الوارد ، وذلك لان موضوع الدليل المورود هو عدم العلم بفعلية الدليل الوارد ... ، وهذا ما دعا السيد المصنف (رحمهالله) إلى ذكر الانحاء الآتية.