__________________
ولا بأس ـ ونحن في بداية بحث التعارض ـ ان نذكر الصحيح من معاني المصطلحات الستة المعروفة وهي : التخصّص والورود والحكومة والتخصيص والتقييد والتزاحم ، مع بيان الفروق بينها ، وذلك باختصار ، ليكون هذا الفهم ميزاننا لما سيأتي من ابحاث ، فنقول : ان الادلّة إمّا ان تتعارض في مرحلة الجعل [وهذا مجال المعاني الخمسة الاولى] وامّا ان لا تتعارض فيها وانما يحصل تزاحم في مرحلة الامتثال [وهو مجال التزاحم] ،
وعلى الاوّل (إمّا) ان يكون لسان الدليل الثاني لسان الاخبار عن أمر تكويني وهذا يكون على نحوين : فامّا ان يكون بنحو يبيّن ان الموضوع المذكور فيه داخل تكوينا في موضوع الدليل الاول ، كما لو كان الدليل الاوّل ((الخمر حرام)) والدليل الثاني ((الفقّاع خمر استصغره الناس)) ، فان الدليل الثاني يبيّن دخول الفقّاع في موضوع الدليل الاوّل دخولا تكوينيا لا تعبديا ، وامّا ان يكون بنحو يبيّن ان الموضوع المذكور في احد الدليلين خارج تكوينا من تحت موضوع الدليل الأوّل ، كما في قوله تعالى (وإذ قلنا للملئكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلّآ إبليس كان من الجنّ ففسق عن أمر ربّه) ، وهذا الخروج يسمّونه بالتخصص.
(وإمّا) ان يكون لسان الدليل لسان تعبّد ، وهذا أيضا على نحوين ، (النحو الاوّل) هو انه إمّا ان يكون التعبّد بحكم ملغيا لموضوع دليل آخر ، كما في التعبد بالبراءة الشرعية فانها ملغية لموضوع الاصول العقلية [الذي هو عدم البيان الشرعي] ، وامّا ان يكون موجدا له ، كورود الامارة الحجّة على دليل ((ان جاءك امارة حجّة فلا ترجع الى الاصول العمليّة)) ، وهذان النحوان هما قسما الورود ، و (النحو الثاني) ان يكون التعبّد ناظرا إلى الدليل المغلوب متصرّفا بموضوعه بالتوسعة او التضييق وهذا هو الدليل الحاكم ، فهنا حالتان :
(الاولى) ان يكون النظر إلى موضوع الدليل المحكوم بالتوسعة ، كقوله ((الطواف في البيت صلاة)) الحاكم على أدلّة وجوب الصلاة وشرائط صحتها من الطهارة وغيرها ، وهي الحكومة الواقعية ، ومثل حاكمية دليل حجيّة خبر الثقة الذي مفاده مثلا ((خبر الثقة علم)) ـ على مسلك الطريقية ـ على دليل حرمة الافتاء بغير علم ، فان الحاكم هنا وان لم يكن