التعارض بين الدليلين يقدّم الدليل الحاكم تطبيقا لنظرية الجمع العرفي المتقدّمة (١) ، لانّ الدليل الحاكم ناظر إلى الدليل المحكوم وهذا النظر ظاهر في ان المتكلّم قد اعدّه لتفسير كلامه الآخر فيكون قرينة ، ومع وجود القرينة لا يشمل دليل الحجيّة ذا القرينة ، لان دليل حجيّة الظهور مقيّد بالظهور الذي لم يعدّ المتكلم قرينة لتفسيره ، فبالدليل الناظر المعدّ لذلك يرتفع موضوع حجيّة الظهور (٢) في الدليل المحكوم ، سواء كان
__________________
(١) قبل عدّة صفحات (ص ٢٤٨) وذلك عند ما قال : «تتلخّص النظرية العامّة للجمع العرفي في «انّ كل ظهور للكلام حجّة ما لم يعدّ المتكلم ظهورا آخر لتفسيره ...».
(بيان الجواب) إننا إذا اردنا ان نعرف نكتة تقديم الدليل الحاكم على الدليل المحكوم فانّ علينا ان ننظر إلى وجه عدم تقديمه ليتّضح لنا منشأ المشكلة فنقول :
وجه عدم تقديم الدليل الحاكم على الدليل المحكوم او قل وجه التعارض المستقرّ هو شمول دليل حجيّة الظهور لكلا ظهوري الدليلين بنحو الاستغراق ، بمعنى ان دليل حجيّة الظهور يفيدنا «حجيّة ظهور الدليل المحكوم على الاطلاق» (بمعنى ان حجيّة ظهوره لا تسقط سواء ورد قرينة توضّحه ام لم يرد) ويفيد «حجيّة ظهور الدليل الحاكم» ايضا فيتعارضان.
ولكن الحقّ انّ دليل حجيّة الظهور مقيّد من الاصل ـ كما قال قبل قليل السيد المصنف ـ فانه يفيد الحجيّة بشرط «عدم وجود قرينة على الخلاف» ، فإذا وردنا قرينة على الخلاف فانها تتّبع وتقدّم ، ومن هنا تعرف النكتة في تقدّم القرينة التي منها الدليل الحاكم.
(٢) موضوع حجيّة الظهور هنا هو شرطها وهو «عدم وجود قرينة على الخلاف» ، ولك ان تقول انّ موضوع حجيّة الظهور هو المراد الجدّي