__________________
ابتلائنا لا يبقى دليل ـ لا عقلي ولا شرعي ولا عقلائي ـ على وجوب اكرام الباقي وتجري اصالة البراءة بلا مانع ... إلى ما هنالك من تفصيلات ذكرناها في محلها.
[هذا] إذا كان الحكم في المخصّص واردا بلسان الترخيص ، وامّا إذا كان واردا بلسان الالزام ، كما إذا كان بلسان ((يحرم اكرام زيد الفقير)) فهنا سوف تحصل حالة دوران بين المحذورين ، وذكرناها بالتفصيل في اواخر بحث العلم الاجمالي من الجزء الثالث اسفل ص ٢٨٣ ، وقلنا هناك انّ ما ينبغي تقديمه ومراعاته هو الجانب الاهم أو محتمل الاهمية ، فان لم يتعيّن ذلك قدّمنا جانب الحرمة لانّه في هذه الحالة فقط يحكم العقل بانّ دفع المفسدة اولى من جلب المصلحة.
(والنتيجة) لحدّ الآن عدم صحّة التمسّك بالعام في الشبهات المفهومية فيما لو دار أمر المجمل الوارد في المخصّص بين الاقل والاكثر ، وأمّا فيما لو دار بين المتباينين فيلزم مراعات قوانين العلم الاجمالي.
(ملاحظة)
ينبغي ان يعلم أنّ مرادنا من دوران معنى المجمل بين الأقل والاكثر والمتباينين هو بحسب المصداق لا بحسب المفهوم ، وهو واضح بادنى تأمّل.
مثال ذلك : قد يكون الدوران بين المتباينين مفهوما ولكن بينهما نسبة العموم من وجه مصداقا وبلحاظ الخارج ، كما لو ورد ((تصدّق على المؤمنين)) و ((لا يجب ان تتصدّق على موالي زيد من المؤمنين)) ، وتردّدنا في معنى الموالي بين الاقارب والعبيد ، ولكنهما خارجا يلتقيان مثلا في اقاربه من العبيد ، ففي هذه الحالة يجب اكرام الاقارب والعبيد من موالي زيد للعلم الاجمالي بوجوب اكرام احد الصنفين ، وليس هذا من باب التمسّك بالعام في الشبهات المفهومية.
مثال آخر : قد يكون الدوران بين المتباينين مفهوما ايضا ولكن النسبة بينهما في الخارج العموم المطلق ، كما لو ورد ((اكرم العلماء)) وورد مخصّص فيه مجمل مردّد بين الكفّار وغير المختونين يرفع عنّا وجوب اكرامهم ، فامّا غير المختونين فانه لا يجب اكرامهم