__________________
وامّا إذا كان المخصّص لبّيا وعلمنا من الخارج به كعلمنا من خلال آيات عديدة ذامّة للفاسقين ان الله تعالى لا يحبّ اكرامهم فانه في هذه الحالة يستكشف العبد ان المولى لم يكن بصدد بيان تمام حدود موضوع الحكم من خلال هذا اللفظ ، او قل ان العبد يستكشف ان المولى لم يرد ـ بالارادة الجدّية التامّة ـ ما افاده بهذا اللفظ ، وانما يريد ما يعرفه العبد من مجموع اللفظ مع القرائن الخارجية ، ولذلك فعلى العبد في هذه الحالة إذا قال المولى مثلا ((اكرم جيراني)) و ((العن بني فلان من جيراني)) ان يخصّص الاكرام بمن يحرز عدم عدواته مع مولاه ، وان يلعن خصوص من يحرز كونه منهم ، ويتّضح هذا الكلام إذا امر المولى عبده باعطاء جيرانه هدايا خطيرة كسكك ذهبية.
وامّا إن لم نعلم بالتخصيص من الخارج فانّه في هذه الحالة يجب اتباع عموم العام ، لاستكشاف المراد الجدّي التام حينئذ من كلام المولى ، وهذا خارج عن محلّ كلامنا لانه رغم الفحص لم نجد تخصيصا.
. وامّا إذا كان المجمل الوارد في المخصّص مردّدا بين متباينين فالمتّبع ايضا قواعد العلم الاجمالي ، كما كان الامر كذلك في الشبهة المفهومية ، فلو ورد مثلا ((اكرم العلماء)) و ((لا يجب ان تكرم زيدا الفلاني منهم)) بنحو الاتصال او الانفصال ، وتردّدنا في عالم معيّن ـ لبعده عنّا مثلا ـ في انّه هذا هو زيد الفلاني المستثنى الذي نعرفه او هو زيد آخر ، فهنا يجب علينا اكرامه واكرام الآخر للعلم الاجمالي بوجوب اكرام احدهما ، وامّا لو كان المخصّص بلسان ((يحرم ان تكرم زيدا الفلاني منهم)) فهنا يحصل دوران بين المحذورين فيقدّم الاهم من الحكمين او محتمل الاهمية وإلّا فمع عدم ترجيح احدهما يراعى جانب الحرمة لأنّ العقل يحكم في هذه الحالة ـ كما قلنا في الحالة السابقة ـ بانّ دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة ، فلا نكرمهما.
(والنتيجة النهائية) أنّه لا يصحّ التمسّك بالعام في الشبهتين المفهومية والمصداقيّة مطلقا ، والله هو العالم.