وامّا الثاني : فلأننا لا بدّ ان نلتزم إما بافتراض الشرطين علتين مستقلّتين للجزاء ، وهذا يعني تقييد المفهوم (١) ، وإمّا بافتراض ان مجموع الشرطين علّة واحدة مستقلّة ، وهذا يعني الحفاظ على اطلاق المفهوم وتقييد المنطوق في كل من الشرطيتين بانضمام شرط الاخرى الى شرطها ، فالتعارض اذن بين اطلاق المنطوق واطلاق المفهوم ، والنسبة بينهما العموم من وجه (٢) فالصحيح انهما يتعارضان ويتساقطان ولا جمع عرفي.
__________________
عند انتفاء الشرط (الموضوع) فسوف يكون المفهوم ظلّا ووجها آخر للمنطوق بل هو هو ، ولذلك قال «فالتعارض دائما بين منطوقين» ، وبتعبير آخر ان التعارض بين منطوق جملة ومفهوم اخرى يكشف عن وجود تعارض بين المنطوقين ، وذلك لان المفهوم ناشئ من المنطوق.
(١) بمنطوق الجملة الاخرى ، كأن يقال : اذا لم يخف الأذان فلا تقصّر الّا اذا خفيت الجدران.
(٢) وذلك لأنه بناء على اطلاق المنطوقين يكون المعنى «اذا خفي الأذان او خفيت الجدران فقصّر» ، وبناء على اطلاق المفهومين يكون المعنى «اذا خفي الأذان والجدران فقصّر» ومفهوما «اذا لم يخف الأذان والجدران معا فلا تقصّر».
ولك أن تقول : لو فرضنا أنه في الكيلومتر الاوّل لا يخفى الأذان ولا الجدران ، وفي الكيلومتر الثاني يخفى الأذان فقط ، وفي الكيلومتر الثالث يخفيان معا ، فبناء على اطلاق المنطوقين ـ أي فهم الجملتين بنحو «اذا خفي الأذان أو خفيت الجدران فقصّر» ـ علينا أن نقصّر في الكيلومتر الثاني ، وبناء على الجمع بينهما بالواو علينا أن نتمّ الصلاة ، فما ذا نفعل هنا؟