__________________
واضح لأنّه لو لم يعلم تحقّقه لاحقا فإذا اريد بقاء المستصحب العارض له المتقوّم به فامّا ان يبقى في غير محلّ وموضوع وهو محال ، وإمّا ان يبقى في موضوع غير الموضوع السابق ، ومن المعلوم انّ هذا ليس ابقاء لنفس ذلك العارض وانما هو حكم بحدوث عارض مثله في موضوع جديد ، فيخرج عن الاستصحاب ، ومما ذكرنا يعلم انّ المعتبر هو العلم ببقاء الموضوع [ولو في الذهن] ، ولا يكفي احتمال البقاء ، إذ لا بدّ من العلم بكون الحكم بوجود المستصحب ابقاء والحكم بعدمه نقضا.» انتهى كلامه رفع مقامه. ومراده (قدسسره) نفي صحّة استصحاب حكم موضوع تغيّر أو يحتمل أنه قد تغير ، فمثلا لو تحوّل كلب في مملحة الى ملح فانّ الحكم بالنجاسة لا يستصحب ، وكذلك لو وصل الى حالة يتردّد فيها العرف بالحكم عليه ببقاء صورته النوعيّة الماديّة السابقة (وهو صورة جسد الكلب) أو تحوّلها الى صورة الملحيّة كما لو وصلت عظامه في البلاء الى درجة بحيث لو مسّت لتفتّتت فاحتملنا ح تحوّلها الى ملح ، اذ ان النهي عن «نقض اليقين بالشك» لا يتنجّز علينا إلا بعد العلم ببقاء الموضوع السابق ، وبتعبير آخر : لا شك أنك تعلم أن الاحكام الشرعيّة لا تتنجّز علينا حتى نعلم بفعلية موضوعها ، وهنا
__________________
المستصحب هو الطهارة ، وان كان يبدو في النظرة البدويّة انّ الموضوع المستصحب هو الطهارة ، فقد ذكرنا فيما سبق انّه في حالات الشك الصحيح ان تعالج المسألة في عالم منشأ هذا الشك ، وما الحكم المترتّب ـ كالطهارة ـ إلّا معلولا لاستصحاب عدم طروّ الرّافع.
[فان قلت] ان الحكم ببقاء الطهارة معلول لامرين : اوّلهما اليقين بحصول الطهارة وثانيهما عدم طروّ الرّافع ، فلما ذا تستصحب الثاني دون الاوّل؟
[قلت] منشأ الشك عند المكلّف هو احتمال طروّ العارض ، فمن الطبيعي ان يكون المستصحب عدمه.