ولو فعل الطلاق ولو رجعيا خرج عن العهدة أيضا وان امتنع منهما ضيق عليه في التصرف والمطعم والمشرب حتى يفعل أيهما اختار منهما كما يضيق عليه إذا امتنع عن سائر الحقوق. ولا يجبره الحاكم على أحدهما عينا ، بل ولا يطلّق عنه عندنا.
وقالت الحنفية : المولى ان فاء في المدة بالوطي ان قدر والوعد إن عجز صح الفيء ولزم الواطئ أن يكفر ، وإلا بانت منه بعد المدة بطلقة. قال في الكشاف (١) ومعنى قوله (فَإِنْ فاؤُ) في الأشهر ، بدليل قراءة عبد الله «فان فاءوا فيهن» ولا يخفى بعده مع أنه تقدير في الآية وحمل لها على وجه بعيد من غير قرينة كما يعلم من سياقها وكون الفاء منافية له ، والقراءة الشاذة لا يصح الاستدلال بها ، لأن الدليل هو الكتاب والسنة وليست شيئا منهما على ما مرّ مرارا.
وقالت الشافعية يوقف المولى بعد مدة التربص فاما أن يفيء على الوجه السابق فتلزمه الكفارة أو يطلّق فيخرج عن العهدة ، وإن ابى طلق عليه الحاكم وهذا القول أقل فسادا من سابقه ، وفيه شيء من جهة جعل الفيئة بعد المدة فقط وقد بينا صحتها قبلها أيضا.
وربما استدل على ذلك بقوله (فَإِنْ فاؤُ) وهو يقتضي كون ما بعد التربص من حكم الفيئة أو الطّلاق مشروعا متراخيا عن انقضاء الأشهر الأربعة ، وفيه نظر فانّ ذلك للجبر على أحد الأمرين إذا لم يأت بهما سابقا فتأمّل. اما حكم الحنفيّة بأنّها تطلّق بعد المدّة بطلقة ثانية والشّافعيّة على أنّ الحاكم يطلّق عنه مع إبائه
__________________
(١) الكشاف ج ١ ، ص ٢٦٩ وكذا البحر المحيط ج ٢ ، ص ١٨٢ ونقل فيه قراءة أبي فان فاءو فيها قال : وروى عنه فان فاءو فيهن كقراءة عبد الله ونقل قراءة ابن مسعود في روح المعاني ج ٢ ، ص ١١١ ، وقال في نثر المرجان في رسم فاءو : وهو ماض وبإثبات الألف بعد الفاء وحذف صورة الهمزة المضمومة قبل واو الجمع كراهة اجتماع صورتين متفقتين خطا وبوضع مجعودة بعد الالف لتدل على الهمزة وبدون الالف بعد واو الجمع بالاتفاق كما نص عليه الداني وغيره» انتهى ما في نثر المرجان ج ١ ص ٣٠٨.
وعليه فيمكن أن يكون كلمة فيها أو فيهن عن ابى وابن مسعود حيث لا تطابق رسم القرآن بمنزلة التفسير للاية لا كونها جزءا للاية.