السباع أو جوارح الطير.
وقيل : انّ المراد بها مطلق الجوارح من السّباع ذوات الأربع والطيور وإطلاق المكلبين باعتبار كون المعلّم في الأغلب كلبا ولانّ كلّ سبع يسمّى كلبا لقوله (١) صلىاللهعليهوآلهوسلم : سلّط عليه كلبا من كلابك فأكله الأسد.
وفيه نظر إذ هو خلاف ظاهر الآية وإطلاق الكلب على غيره من السباع تجوّز بلا خلاف فلا يكون داخلا تحته مع الإطلاق وقد تظافرت أخبارنا عن أئمتنا عليهمالسلام باختصاص حلية ما ذبحه الكلب المعلم دون غيره من الجوارح.
فان قيل : هب انّ المذكور في الآية اباحة الصيد بالكلب لكن تخصيصه بالذّكر لا ينفى حلّ غيره لجواز الاصطياد بالرّمي والشبكة ونحوهما مع سكوت الآية عنها.
قلنا : ظاهر انّ الآية إذا دلّت على حلية مقتول الكلب كان حلّية ما عداه يتوقف على الدليل والأصل عدمه وفي مجمع البيان : وروى عن علىّ بن إبراهيم في تفسيره بإسناده عن أبى بكر الحضرمي عن أبى عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن صيد البزاة والصقور والفهود والكلاب فقال : لا تأكل إلّا ما ذكّيت الّا الكلاب قلت : فان قتله؟ ـ قال : كل : فانّ الله يقول : وما علّمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهنّ مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه. ثمّ قال عليهالسلام : كل شيء من السباع يمسك الصيد على نفسها الا الكلاب المعلمة فإنّها تمسك على صاحبها وقال : إذا أرسلت الكلب المعلم فاذكر اسم الله عليه فهو ذكاته وهو أن يقول : بسم الله والله أكبر.
(تُعَلِّمُونَهُنَّ) حال ثانية أو استيناف (مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ) من الحيل وطرق التأديب فيصرن معلمة بتعليمكم أو ممّا علمكم الله من اتباع الكلب الصّيد بإرسال صاحبه وانزجاره بزجره وفيه دلالة على أنّ صيد غير المعلم حرام الا أن يدرك ذكاته فيذكّيه
__________________
(١) انظر القصة ودعاء النبي (ص) على عتبة بن أبى لهب وافتراس الأسد إياه في تفسير سورة النجم مجمع البيان ج ٥ ، ص ١٧٢ ، والدر المنثور ج ٦ ، ص ١٢١ ـ ١٢٢ ، والكشاف ج ٤ ، ص ٤١٨.