ولا خلاف في ذلك.
وقد اختلف أصحابنا في حدّ تعليم الكلب والمشهور فيما بينهم أن يكون بحيث يذهب إذا استرسل ويقف إذا زجر ولا يعتاد أكل ما يمسكه ويتحقق ذلك بالتكرار على هذه الصفات الثلاث مرارا بحيث يعلم في العرف انّه معلم.
وقيل : هو أن يكون الكلب بحيث يفعل ما يريد صاحبه فيطلب الصّيد إذا شلاه وينعطف عليه إذا راغ من بين يديه ويمسكه له وإذا جاءه ليأخذه منه لم يحمل الصيد ويهرب منه أو يحميه عنه بالهرير عليه ، فإذا تحقق ذلك منه مرارا صار معلما وقيل : لأحد له بل متى صدر منه الترغيب أو المنع امتثل لكن ينبغي أن يعلم أنّ ذلك صار عادة له والأقوال متقاربة.
(فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) يتفرع على ما تقدم ، أو جزاء الشرط كما عرفت و «من» قيل زائدة نحو كلوا من ثمره وقيل مقيدة فان بعض الصيد لا يؤكل كالعظم والدم والريش ، وفي الكشاف (١) الإمساك على صاحبه أن لا يأكل من الصيد فلو أكل منه كان قد أمسك على نفسه ولا ريب في أنّ الكلب إذا كانت هذه عادته لم يحل أكل ما قتله من الصيد لعدم حصول شرط التعليم وأصحابنا لا يخالفون في ذلك.
نعم لو أكل منه نادرا فالظاهر جواز الأكل على ذلك التقدير للأخبار المعتبرة الاسناد الدالة على إباحة الأكل مما يقتله الكلب المعلم وان أكل منه.
وفي صحيحة رفاعة بن موسى عن الصادق عليهالسلام قال : سألته عن الكلب يقتل فقال : كل فقلت : أكل منه فقال : إذا أكل منه فلم يمسك عليك ، إنما أمسك على نفسه. فحمله الشيخ على ما إذا كان معتادا أو على التقية لأنّ في العامّة من يمنع من أكل الصيد إذا أكل الكلب منه والأوجه الحمل الأوّل وبه يجمع بين الأدلّة.
(وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) الضمير عائد الى ما علمتم والمعنى سموا عند إرسال الكلب المعلم وهو شرط آخر في إباحة صيده ، ويحتمل أن يعود الى ما أمسكن عليكم
__________________
(١) انظر الكشاف ج ١ ، ص ٦٠٧. وفي الشاف الكاف : «انه متفق عليه».