وما لا يحتاج إلى التذكية ورواه الكليني (١) في الحسن عن قتيبة الأعشى قال : سأل رجل أبا عبد الله عليهالسلام وأنا عنده فقال له الرجل : قال الله تعالى (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ). فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : كان أبى يقول : انّما هو الحبوب وأشباهها ونحوها ممّا دلّ على ذلك وإلى هذا القول يذهب أصحابنا وهو الصحيح.
ويدل عليه مضافا الى الأخبار انه تعالى نهى في كثير من الآيات عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه وما أهل به لغير الله وظاهر أنّ الكتابي لا يذكر اسم الله عليه.
ولو قيل : انّ محلّ النزاع ما لو ذكر اسم الله عليه والا فالمسلم مع خلو ذكر اسم الله لا تحل ذبيحته لقلنا : ظاهر انّ ما يذكره الكتابي من اسم الله ليس باسم الله تعالى حقيقة فإنّ اليهوديّ إنما يقصد الله الذي عزير ابنه والنصراني يقصد الله الذي المسيح ابنه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا والذكر على هذا الوجه بمثابة العدم فلا تباح الذبيحة به ، ولانّه يبعد في العرف إطلاق الطعام على الذبيحة وانّما هو في العرف عبارة عن البرّ والشعير ونحو ذلك من الحبوب.
على انا لو سلمنا ذلك لقلنا مقتضى الآية اباحة طعامهم على العموم خرج منه نحو الذبيحة وغيرها ممّا باشروه بالرطوبة لأدلة اقتضت ذلك وأوجبت التخصيص فيبقى ما عدا ذلك كالحبوب وغيرها داخلة فيه.
(وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) فيجوز لنا أن نطعمهم إياه وأن نبيعه عليهم وكذا سائر المعاملات بعوض ولا عوض وخصّ في المجمع الحليّة هنا بان تطعموهم وفيه بعد.
الثالثة [البقرة ١٧٣]
(إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) قد عرفت معناها ، والتحريم المضاف الى العين ينصرف
__________________
(١) انظر الكافي : ج ٢ ، ص ١٥٠ باب ذبائح أهل الكتاب الحديث ١٠. ورواه أيضا في التهذيب ج ٩ ، ص ٦٤ الرقم ٢٧٠. والاستبصار : ج ٤ ، ص ٨١ بالرقم ٣٠٣ وهو في المرآة ج ٤ ، ص ٥٤. وفيه : «صحيح» مع شرح للحديث. وفي الوسائل ج ٣ من طبعة الأميري ص ٣٤٢ الباب ٢٦ من أبواب الذبائح الحديث ١.