ما أحله واباحه فهو أيضا رزق حسن فلم فرق بينه وبين الرزق الحسن والكل شيء واحد وانما الوجه فيه أنه خلق هذه الثمار لتنتفعوا بها فاتخذتم أنتم منها ما هو محرم عليكم وتركتم ما هو رزق حسن واما وجه المنة فبالأمرين معا ثابتة لانّ ما أباحه فالمنة به ظاهرة لتعجيل الانتفاع به وما حرمة أيضا فظاهرة لأنه إذا حرم علينا وأوجب الامتناع ضمن في مقابلته الثواب الذي هو أعظم النعم فهو نعمة على كل حال.
والثالث ـ ان السكر إذا كان مشتركا بين السكر والطعم وجب ان يتوقف فيه ولا يحمل على أحدهما إلا بدليل وما ذكرناه مجمع على انّه مراد وما ذكروه ليس عليه دليل على انه كان يقتضي أن يكون ما أسكر منه يكون حلالا وذلك خلاف الإجماع لأنهم يقولون : القدر الذي لا يسكر هو المباح وكان يلزم على ذلك أن يكون الخمر مباحا وذلك لا يقوله أحد وكذلك يلزم أن يكون النقيع حلالا وذلك خلاف الإجماع» انتهى كلام الشيخ وهو جيد.
(إِنَّ فِي ذلِكَ) اى فيما ذكره من اتخاذ السكر والرزق الحسن بل خروج اللبن الخالص من بين الفرث والدم.
(لَآيَةً) دالة على ذلك أيضا ظاهرة (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) يستعملون عقولهم بالنظر والتأمل فيها ، فإنهم يجزمون بأنّ الذي قدر على إيجاد مثل هذه الثمرات من الشجر اليابس بل من نواه قادر على الإعادة وكذا القادر على إخراج اللبن الخالص من بين الفرث والدم قادر على ذلك أيضا.
(وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) ألهمها وقذف في قلوبها على وجه هو أعلم به ولقد حق لغريب أمرها وعجيب صنعها أن يطلق عليه لفظ الإيحاء.
(أَنِ اتَّخِذِي) بأن اتخذى وحذف حرف الجرّ قياس مع أن ويحتمل أن يكون مفسرة لانّ الإيحاء يتضمن معنى القول وتأنيث الضمير على معنى الجماعة الكثيرة والّا فلفظة مذكّر.
(مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً ، وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) يتخذونه عريشا وهو سقوف