البيوت وذكر من التبعيضية لأنها لا تبنى في كل جبل ولا كل شجر ولا ما يعرش من كرم أو سقف ولا في كلّ مكان بل في بعضها وهو ما يوافقها ويليق بحالها.
وسمى ما يتعسل به بيتا تشبيها له بالإنسان لكون ما يبنيه مشتملا على حسن الصنيعة وصحة القسمة التي لا يقوى عليها حذاق المهندسين الا بآلات وإنظار دقيقة.
ولعل ذكر النحل بعد ما تقدّم وبيان أقداره على البيت المشتمل على الأمور الغريبة والصنائع العجيبة التي لا يقدر عليها أقوى المهندسين للتنبيه على كمال القدرة بإلهام مثل هذا الحيوان مثل هذه الأفعال الغريبة العجيبة وأقداره عليها وهو دليل على كمال قدرته.
(ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) اى ألهمها أيضا أن تأكل من كل الثمرات وسائر الأشجار التي تشتهيها مرّها وحلوها (فَاسْلُكِي) ما أكلت (سُبُلَ رَبِّكِ) في مسالكه التي تحيل فيها بقدرته النور المرّ عسلا من اجوافك أو المراد فاسلكي الطرق التي ألهمها الله إياك في عمل العسل أو فاسلكي راجعة إلى بيوتك سبل ربك لا يتوعر عليك سلوكها ولا يلتبس ، فقد يحكى انها ربما اجدب عليها ما حولها فتسافر الى البلد البعيد في طلب الثمر.
(ذُلُلاً) اما حال من السبل اى حالكونها مذللة موطأة ذللها الله فلا يتوعر عليها سلوكها واما من الضمير في اسلكي اى حالكونك مطيعة منقادة لأمره غير ممتنعة.
(يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها) عدل من خطاب النحل الى خطاب النّاس لانّه محل الانعام والامتنان عليهم وهم المقصودون من خلق النحل وإلهامه ذلك.
(شَرابٌ) يعنى العسل لانه مما يشرب والأكثر على أنّ الله تعالى يخلق العسل في بطن النحل ويخرجه الى فيه كالريق الذي يخرج من فم بنى آدم وظاهر البطون دال عليه وقيل : انها تلفظ من أفواهها اجزاء طلية صغيرة متفرقة على الأوراق والأزهار وتضعها في بيوتها ادخارا فإذا اجتمع في بيوتها شيء كثير منها حصل العسل وهذا يفسر البطون بالأفواه.