وقيل : ان التجربة تعضد الثاني فإن الترنجبين قريب من العسل في الطعم والشكل ولا شك انه طل يحدث في الهواء ويقع على أطراف الأشجار والأزهار فكذا العسل ولكن ظاهر الآية تعضد الأوّل.
(مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) بعضه أبيض وبعضه أحمر وبعضه اصفر وبعضه اسود ، قيل ذلك بسبب اختلاف سن النحل أو الفصل.
(فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) اما بنفسه كما في سائر الأمراض البلغمية أو مع غيره كما في سائر الأمراض إذ قل ما يكون معجون الا والعسل جزء منه مع ان التنكير مشعر بالتبعيض ويحتمل أن يكون للتعظيم.
وقيل : انّ ضمير فيه يرجع الى القرآن وشفاؤه للناس لما فيه من بيان الحلال والحرام والفتيا والاحكام وقيل : الى ما بين الله من أحوال النحل والأوّل أقوى.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) فانّ من تدبّر اختصاص النّحل بتلك العلوم الدّقيقة والأفعال العجيبة حقّ التّدبّر علم قطعا انّه لا بدّ لها من قادر حكيم يلهمها ذلك ويحملها عليه.
وفي الآية دلالة على حلّيّة العسل وعلى جواز اتّخاذ النّحل لأجله وعلى الاستشفاء به ، وقد يستفاد منها الحثّ على ما يعلم به الشّفاء من الأمراض كعلم الطّبّ فإنّه سبب الى معرفته في الجملة وان كان الشّافي على الحقيقة هو الله تعالى.
(وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) اى جعلكم متفاوتين في زيادته ونقصانه فمنكم غنيّ ومنكم فقير ومنكم موالي يتولّون رزقهم ورزق مماليكهم ومنكم مماليك حالهم على خلاف ذلك فرزقكم أفضل من رزق مماليككم وهم بشر مثلكم ولا ريب أنّ ذلك أمر مقسوم من قبل الله وإلّا لم يكن الغافل رخى البال والعاقل ردىّ الحال.
(فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ) بمعطى رزقهم (عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) على مماليكهم فان ما يردّون عليهم رزقهم الّذي أجراه الله.
(فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ) فالموالى والمماليك متساوون في أنّ الله رزقهم فلا يتخيّل الموالي أنّهم يردّون على مماليكهم من عندهم شيئا من الرّزق.