وقوله (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً). الآية.
(يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) الآل خاصّة الرّجل الّذي يؤل أمرهم إليه.
ثمّ الفعل ان قرئ مجزوما كان جواب الدّعاء وان قرئ مرفوعا فالأكثر على انّه صفة وقال صاحب المفتاح : الأولى حمله على الاستيناف كأنّه قيل لم تطلب الولد؟ فقال مجيبا : يرثني أي لأنّه يرثني لئلّا يلزم أنّه لم يوهب من وصفه فإنّ يحيى مات قبل زكريّا.
واعترض بأنّ حمله على الاستيناف يوجب الاخبار عمّا لم يقع وكذب النّبيّ أشنع من كونه غير مستجاب الدّعوة وأجيب بأن عدم ترتّب الغرض من طلب الولد لا يوجب الكذب هذا وفي الحكم بكون موت يحيى قبل زكريّا بحث فانّ في أخبارنا المعتبرة الإسناد ما يدلّ على أنّ موت زكريّا قبل يحيى وأنّ يحيى ورث الكتاب والحكمة وهو صبيّ صغير وروى ذلك الكليني أيضا في الكافي في باب حالات الأئمّة عليهمالسلام في السن.
(وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) واجعل ذلك الولد الذي يرثني مرضيّا عندك ممتثلا لأمرك عاملا بطاعتك مجانبا عن معصيتك. وفي الآية دلالة واضحة على أنّ الأنبياء يورّثون المال كما في غيرهم من آحاد النّاس فان زكريّا عليهالسلام صرّح بدعائه وطلب من يرثه ويحجب بنى عمّه وعصبته من الولد.
وحقيقة الميراث انتقال ملك الموروث الى ورثته بعد موته بحكم الله لانّ ذلك هو المتبادر من الإرث ، وحمله على العلم والنّبوّة خلاف الظّاهر لا يصار اليه الّا مع الموجب القوىّ والضّرورة الدّاعية وهي هنا غير معلوم على أنّ النّبوّة والعلم لا يورثان لأنّ النّبوّة تابعة للمصلحة لا دخل للنّسب فيها والعلم موقوف على من يتعرّض له ويتعلّمه.
ولانّ زكريّا إنّما سأل وليّا من ولده يحجب مواليه من بنى عمّه وعصبته من الميراث وذلك لا يليق الّا بالمال لأنّ النّبوة والعلم لا يحجب الولد عنهما غيره بحال ، ولأن طلبه أن يجعله رضيّا لا يليق بطلب النّبوّة لأنّ النّبيّ لا يكون الّا