(وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ) اى رحمة فيمنعكم من اقامة الحدّ عليهما.
(فِي دِينِ اللهِ) في طاعته واقامة حدوده فانّ ذلك يوجب تعطيل حدود الله والتّسامح فيها ، أو المراد لا تأخذكم بهما رأفة يمنع من الجلد الشّديد بل اوجعوها ضربا ولا تخفّفوا عنهما ، وفيها دلالة على تحريم ترك الحدّ أو بعضه كما أو كيفا رحمة لهما بل تحريم مطلق الرحمة والرأفة عليهما وفي الحديث يؤتى بوال نقص من الحدّ سوطا فيقال له : لم فعلت ذلك؟ فيقول : رحمة لعبادك فيقول له : أنت ارحم منّى بهم؟ ـ فيؤمر به الى النّار.
(إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) فانّ الايمان بهما يقتضي الجدّ في طاعة الله والاجتهاد في إقامة حدوده واحكامه ولا يخفى ما فيه من المبالغة بسلب الايمان عمّن أخذته الرأفة وهو من التهييج.
قال الجبائي : فيه دلالة على انّ الاشتغال بأداء الواجبات من الايمان لانّ التّقدير ان كنتم مؤمنين فلا تتركوا اقامة الحدّ. وأجيب بأنّ الرّأفة لا تحصل إلّا إذا حكم الإنسان بطبعه أنّ الأولى ترك اقامة الحدّ وحينئذ يكون منكر الدّين فلهذا يخرج من الايمان.
(وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) جماعة منهم واختلف في أقلّها فقيل : اثنان ، وقيل : ثلاثة ، وقيل : أربعة ونسبه في الكشاف الى ابن عبّاس ثمّ قال : وفضل قول ابن عبّاس لأنّ الأربعة هي الجماعة الّتي ثبتت فيها الحدود وفي التفضيل بذلك نظر ، وقيل : واحد وهو قول الفرّاء من أهل اللّغة واختاره الشّيخ في النّهاية ورواه أيضا أصحابنا عن الصّادقين عليهمالسلام.
وذهب الشّيخ في الخلاف إلى أنّ أقل ذلك عشرة قال : وبه قال الحسن البصري وقال ابن إدريس : «الّذي أقول في الأقلّ أنّه ثلاثة نفر لأنّه من حيث العرف دون الوضع والعرف إذا طرء صار الحكم له دون الوضع الأصلي وشاهد الحال يقتضي ذلك وألفاظ الأخبار لانّ الحدّ إذا كان قد وجب بالبيّنة فالبيّنة ترجمة وتحضره وهم أكثر من ثلاثة.