روى عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عامّ وكذا ما روى عن الصّحابة انّهم جلدوا ونفوا منسوخ أو محمول على وجه التّعزير والتّأديب لا الوجوب.
واحتجّوا على ذلك بانّ إيجاب التغريب يقتضي نسخ القرآن بخبر الواحد وذلك لأنّ إيجاب الجلد ترتّب على الزنا بالفاء الّتي هي للجزاء ومعنى الجزاء كونه كافيا في ذلك فإيجاب شيء آخر غير الجلد يقتضي نسخ كونه كافيا ، ولانّ التغريب لو كان مشروعا لوجب على النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم توقيف الصّحابة عليه عند تلاوة هذه الآية ولو فعل لاشتهر مع أنّ أبا هريرة روى انّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال في الأمة إذا زنت فاجلدها فان زنت فاجلدها فان زنت فبعها ولم يذكر التغريب.
والجواب أنّ إيجاب الجلد في الآية لا ينافي إيجاب التغريب وعدمه بل يحصل مع كلّ منهما فلا إشعار في الآية بأحد القسمين إلّا أنّ عدم التغريب لمّا كان موافقا للبراءة الأصليّة كان إيجابه بخبر الواحد لا يزيل إلّا محض البراءة فلا يلزم نسخ القرآن به ، وقول النّحاة انّ الجزاء انّما سمّى جزاء لانّه كاف في الشّرط فلا يصلح حجّة في الأحكام ولا استبعاد في عدم اشتهار بعض الأحكام كأكثر المخصّصات ، والاخبار الواردة في نفى التغريب معارضة بأخبار أخر دلّت على ثبوته.
وبالجملة فقول الحنفيّة ضعيف والإحصان الموجب للرّجم في الرّجل على ما قاله الشّيخ في النّهاية : هو أن يكون له فرج يتمكّن من وطيه ويكون مالكا له سواء كان بالعقد أو بملك اليمين ويراعى في العقد الدّوام فإنّ المتعة لا تحصن ولا فرق بين أن يكون الدائم على حرّة أو امة أو يهوديّة أو نصرانيّة فإنّ جميع ذلك يحصن الرّجل وملك اليمين أيضا محصن.
والإحصان في المرأة مثل الإحصان في الرجل سواء وهو أن يكون لها زوج يغدو إليها ويروح يخلى بينه وبينها غير غائب عنها قد دخل بها حرّا كان أو عبدا وهذا هو المشهور بين أصحابنا وظاهر ابن الجنيد وابن أبى عقيل اعتبار إسلام الزّوجة وحريّتها في الإحصان بل يظهر من ابن الجنيد اعتبار حريّة الرّجل أيضا وهو بعيد والأظهر الأوّل.