وأكثر العامّة قيّدوه بالحرّ أيضا وحكموا بتنصيف الحدّ على المملوك القاذف وحكموا بوجوب أربعين سوطا وهو قول الشّيخ في المبسوط مستدلا عليه بأصالة البراءة من الزّائد ولقوله تعالى (فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ) ولرواية القاسم بن سليمان (١) عن الصّادق عليهالسلام.
والمشهور بين أصحابنا أنّ عليه الحدّ كاملا لظاهر العموم في الآية فيجب العمل به الى أن يثبت المعارض الصّريح وهو غير معلوم ، ويؤيّده من الاخبار حسنة الحلبي (٢) عن الصّادق عليهالسلام قال : إذا قذف العبد جلد ثمانين. وغيرها من الأخبار.
ويجاب عمّا قاله الشّيخ ، انّ الأصل يعدل عنه مع وجود الدّليل وهو ما أشرنا اليه ، والمراد بالفاحشة في الآية الزّنا كما نقله المفسّرون فلا يتعدى الحكم فيها الى غيره ، ورواية القاسم ضعيفة لا تعارض الأخبار الكثيرة بل الإجماع على ما نقله جماعة من الأصحاب وعموم الآية يقتضي دخول الكافر فلو قذف مسلما حدّ ثمانين والآية مخصوصة بالأب والجدّ إذا قذف أولاده وأحفاده فإنّه لا يجب عليه الحدّ كما لا يجب عليه القصاص لو فعل ما يوجبه.
وشرائط الإحصان الموجبة للجلد بالقذف خمسة : ان يكون المقذوف حرا بالغا عاقلا مسلما عفيفا عن الزّنا فإذا وجدت هذه الشّرائط وجب الحدّ على قاذفه ومتى اختلّت أو واحدة منها فلا حدّ على قاذفه نعم يجب التعزير وان كان القذف للمتظاهر بالزّنا على المشهور لعموم الأدلّة وقبح القذف مطلقا.
وتردّد الشّهيد في بعض تحقيقاته في التّعزير بقذف المتظاهر به ، بل قد يظهر منه الميل الى عدمه محتجّا بإباحته استنادا إلى رواية البرقي عن أبى عبد الله عليهالسلام قال : إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له ولا غيبة ، وفي مرفوع محمّد بن بزيع :
__________________
(١) انظر التهذيب : ج ١٠ ، ص ٧٣ الرقم ٢٧٨. والاستبصار : ج ٤ ، ص ٢٢٩ الرقم ٨٦١.
(٢) التهذيب : ج ١٠ ، ص ٧٢ الرقم ٢٧٠. والاستبصار : ج ٤ ، ص ٢٢٨ الرقم ٨٥٣. والكافي : ج ٢ ، ص ٣٠٣.