من تمام العبادة الوقيعة في أهل الرّيب. فلو قيل به كان حسنا ومن هنا ذهب أكثر العامّة الى عدم التّعزير بقذف المتظاهر بالزّنا.
ولا فرق في ثبوت الحكم بين الذّكر والأنثى وتخصيص المحصنات بالذّكر امّا بخصوص الواقعة فإنّها نزلت في عائشة على ما نقله الشيخ في التّبيان عن سعيد بن جبير وقيل في غيرها ، وامّا لانّ قذف النّساء أغلب وأشنع.
وقد نقل الطّبرسيّ في مجمع البيان الإجماع على انّ حكم الرّجال حكمهنّ في ذلك والآية وان وقعت مطلقة في الشّهود لكنّها مقيّدة بأمور اقتضتها الأدلّة مثل كونهم مجتمعين حال التّحمل والأداء وحال الإقامة أيضا فلو تفرّقوا بطلت وأنكر الشافعية اعتبار الاجتماع بل قالوا : لا فرق بين ان يجيء الشّهود متفرّقين أو مجتمعين محتجين بأن الآتي بالشهداء متفرّقين آت بمقتضى النّصّ واجتماعهم أمر زائد لا إشعار به في الآية.
وفيه : انّ الآية مشعرة بالاجتماع فانّ الشّاهد الواحد إذا شهد وحده فقد قذفه ولم يأت بأربعة شهداء فوجب عليه الحدّ فخرج عن كونه شاهدا ولا عبرة بالتسمية إذا فقد المسمّى مع أنّ الأخبار الدالّة على الاجتماع كثيرة وقد وافقنا في اعتبار الاجتماع أبو حنيفة أمّا باعتبار كون الزّوج أحدهم أو كونهم غير الزّوج فقد تقدم الكلام في باب اللّعان.
(وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً) أيّ شهادة كانت لانّه مفتر فلا وجه لقبول شهادته (أَبَداً) أي في جميع الأحوال إلّا حال التّوبة لدليل اقتضاه ، ومن قال إنّ عدم القبول بعد استيفاء الجلد لا قبله كأبي حنيفة فقد أبعد عن ظاهر الآية فإنّ الأمر بالجلد والنّهى عن القبول سببان في وقوعهما جوابا للشّرط لا ترتيب بينهما فيترتبان عليه دفعة كيف وحاله قبل الحدّ أشدّ مما بعده لانّه بعده قد تاب وحسن حاله وتخلص من الحقوق.
(وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) المحكوم بفسقهم وهذا أيضا ممّا يبطل قول أبي حنيفة لدلالته ظاهرا على أنّ الرّمي مع عدم الاشهاد فسق حدّ أولا ، وهو حكم مستقلّ بنفسه