جماعة على وجوب استيذانه سواء كان قصاص نفس أو طرف فيعزّر لو استقلّ به ويظهر ذلك من الطّبرسي في مجمع البيان وصرّح في الآية السّابقة بأنّ من يتولّى القصاص امام المسلمين وفيه نظر.
(فَلا يُسْرِفْ) أي الوليّ (فِي الْقَتْلِ) بأن يقتل من لا يستحقّ قتله أولا يتجاوز حدّ ما شرع له من القتل على وجه القصاص بأن لا يقتل اثنين بواحد أولا يمثل بالقاتل حال قتله.
(إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) علّة للنّهي على طريق الاستيناف والضّمير امّا للمقتول المظلوم فإنّه منصور في الدّنيا حيث أوجب القصاص بقتله وفي الآخرة بالثّواب العائد اليه ، وامّا للوليّ فإنّ الله نصره حيث أوجب القصاص له وأمر الولاة والمؤمنين بمعونته ، وامّا للّذي يقتله الوليّ إسرافا فإنّه حيث تعدّى عليه كان منصورا بشرع التفويض له حتّى لو فرض أنّ الوليّ مثل بقاتل أبيه ثمّ أراد قتله فشرع القصاص يقتضي استيفاء المثلة من الوليّ ثم القصاص وكذا لو قتل بواحد اثنين فإنّه يقتل بذلك الأخر. وبالجملة لا يتجاوز في طريق القتل ما حدّ له في الشّرع.
الخامسة :
(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً) اى قاصدا قتله عالما بايمانه وحرمة قتله وعصمة دمه (فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) في الآية وعيد شديد وتهديد بالغ في الغاية لمن قتل مؤمنا على العمد ومن ثمّ قال ابن عبّاس : لا تقبل توبة قاتل المؤمن عمدا والظّاهر أنّه أراد به التّشديد فإنّه قد روى عنه خلافه.
والحكم بالخلود امّا لانّه قتله لإيمانه ودينه فيكون مستحلّا له وهو يوجب ارتداده وكفره ويؤيّده ما روى الكليني عن سماعة عن أبى عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن قول الله عزوجل (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها) قال : من قتل مؤمنا على دينه فذلك العمد الذي قال الله عزوجل (الحديث).