وما قيل انّها نزلت في مقيس بن صبابة وجد أخاه هشاما قتيلا في بني النّجار ولم يظهر قاتله فأمرهم رسول الله صلىاللهعليهوآله سلّم أن يدفعوا اليه ديته فدفعوها اليه ثمّ حمل على مسلم فقتله ورجع الى مكّة مرتدّا. وامّا لانّ الخلود في جهنّم بمعنى المكث الطّويل لا طلاقه عليه في الكلام كثيرا.
وقد تعلّق بظاهرها أهل الوعيد وحكموا بأنّ مرتكب الكبيرة مخلّد في النّار إذا لم يتب وفي الدّلالة بعد للاحتمال الأوّل فلا يكون في العصاة. سلّمنا انّهم المراد لكن يرد الاحتمال الثّاني فيسقط التّمسّك بها.
ولو قيل : انّ ما ذكر تموه خلاف الظّاهر من الخلود ونحن انّما نستدلّ بالظّاهر لأمكن أن نقول : قد وافقتمونا على أنّ الآية مخصوصة بمن لا يتوب وأنّ التّائب خارج عن عمومها.
وما روى عن ابن عبّاس من عدم قبول توبته محمول على سلوك سبيل التّغليظ والتّشديد في القتل كيف وقد روى عنه خلافه رواه الواحدي بإسناده إلى عطا ، عن ابن عبّاس أنّ رجلا سأله لقاتل المؤمن توبة؟ ـ قال : نعم فقيل له في ذلك فقال : جائني ذلك ولم يكن قتل فقلت : لا توبة لك لكي لا يقتل وجائني هذا وقد قتل فقلت : لك توبة لكي لا يلقى نفسه إلى الهلكة.
ومن قال من أصحابنا : انّ قاتل المؤمن لا يوفّق للتّوبة فلا ينافي ما قلناه لانّ هذا ان صحّ فإنّما يدلّ على انّه لا تختار له التّوبة وان كانت بحيث لو حصلت لازالت العقاب وإذا كان لا بدّ من التّخصيص في الآية بالتّوبة جاز أن يخصّ أيضا بمن تفضّل الله عليه بالعفو كما دلّ عليه قوله تعالى (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ).
ولانّ الوعيد حقّه ولا قبح في تركه بل تركه كرما وفضلا لا تزال العرب تمدح فاعله ولا يعدّون مثله خلفا انّما الخلف أن يعد الخير ثمّ لا يفعله وقد ورد في الرواية عن الصّادقين عليهمالسلام في ادعيتهم : «يا من إذا وعد وفى وإذا توعّد عفى».