واحتجّ أبو حنيفة أيضا بظاهر الآية على أنّ قتل العمد لا يوجب الكفّارة لأنّه شرط في الآية أن يكون القتل خطأ وعند انتفاء الشّرط لا يحصل المشروط وردّ بانّ وجوبها في العمد بطريق اولى وفي الأخبار دلالة عليه أيضا وبالجملة لا مخالف في هذا الحكم سوى أبي حنيفة فإنّه لم يوجب الكفّارة في العمد وهو ضعيف جدّا.
(فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) فإن كان المقتول من جملة قوم هم عدوّ لكم اى كفّار مشركون يناصبونكم الحرب. وظاهر الشيخ أنّ من بمعنى في أي في عداد قوم قال : لانّ حروف الصّفات يقوم بعضها مقام بعض.
(فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) أوجب تعالى في هذا القسم الكفّارة ولم يتعرّض للدية فلا تكون واجبة ويؤيّده أنّه سكت عن الدّية هنا مع ذكرها فيما قبلها وفيما بعدها وهو ظاهر في عدم وجوبها ونقل في مجمع البيان عدم وجوبها عن ابن عبّاس وهو المشهور بين علمائنا واحتجّ عليه الشيخ في الخلاف بأصالة براءة الذّمّة من الدّية ويؤيّده حديث حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليهالسلام.
وقد يوجّه عدم الدّية في قتل هذا المسلم السّاكن في دار الحرب بأنّ إيجاب الدّية فيه تحوج الى أن يبحث الغازي عن كلّ شخص من اشخاص قطّان دار الحرب هل هو من المسلمين أم لا وذلك يوجب المشقّة والنّفرة عن الجهاد ، على انّه هو الّذي أهدر دم نفسه بسبب اختياره السّكنى فيهم.
ونقل الطّبرسي في مجمع البيان وجها لعدم الدّية : بأنّ القتيل إذا كان في عداد قوم أعداء وهو مؤمن بين أظهرهم ولم يهاجر فمن قتله فلا دية له وعليه الكفّارة لأنّ الدّية ميراث وأهله كفّار لا يرثونه وقريب منه ما قال صاحب الكشّاف والقاضي وظاهره أنّ علّة عدم الدّية هنا كون الورثة كفّارا محاربين ولا وراثة بين المقتول وبين أهله بسبب الكفر لكن هذا يقتضي وجوب الدّية لو كان بعض الورثة مسلمين والظّاهر من الآية خلافه كما يعطيه المقابلة.
وظاهر ابن إدريس وجوب الدّية في قتل هذا المؤمن وهو القول الآخر