للشّافعيّ وقد يحتجّ له بعموم قوله تعالى (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) وعموم قوله صلىاللهعليهوآله : لا يبطل دم امرئ مسلم وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : في النّفس مائة من الإبل ، وهذه نفس.
قال ابن إدريس : «والدّية وان لم يذكر في الآية فقد علمناها بدليل آخر وهو الحديث المذكور ، والأصل الذي تمسّك به الشّيخ قد انتقلنا عنه بدليل الشّرع ثمّ قال : وأيضا فإجماع أصحابنا منعقد على ذلك لم يخالف فيه أحد منهم ولا أودعه كتابا ما خلا شيخنا أبا جعفر وإذا تعيّن المخالف في المسألة لا يعتدّ بخلافه» هذا كلامه.
وفيه نظر فإن الأدلّة المذكورة عامّة والآية الّتي تلوناها خاصّة فتكون مقدّمة عليها والإجماع غير معلوم بل دعوى الإجماع على خلافه غير بعيدة إذ لم يعهد من أصحابنا القول بوجوب الدّية من غير ابن إدريس وإذا تعيّن المخالف في المسألة لا يعتدّ بخلافه.
(وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) وان كان المقتول من جملة قوم أو في عداد قوم بان يكون «من» بمعنى «في» أي في كفره أهل ذمّة أو معاهدين ولا حرب بينكم وبينهم.
(فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) يلزم عاقلة القاتل كما سلف (وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) كفّارة عنه وظاهر الآية أنّ ضمير كان راجع الى المؤمن وحاصله أنّ المؤمن إذا كان في عداد أهل الذّمّة أو المعاهدين فقتل خطأ وجب على قاتله الدّية والكفّارة كما لو قتل في دار الإسلام وعلى هذا أصحابنا أجمع وجماعة من العامّة.
وقال أصحابنا : يعطي ديته ورثته المسلمين دون الكفّار فعندهم أنّ دفع الدية إلى أهله مقيّد بذلك كما أشعرت به رواياتهم ولو عدم أهله المسلمون فالظّاهر انّ ديته للإمام لأنّه وارث المسلم كما بيّن في محلّه.
وذهب أكثر العامّة الى أنّ ضمير كان يعود إلى الذّمّي أو المعاهد ، ولزوم الدّية علي قاتله بسبب العمد وهو بعيد عن السّياق لانّ الضّمائر في كان كلّها راجعة