عليهالسلام عن قول الله عزوجل (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) قال : يكفّر عنه ذنوبه بقدر ما عفى من جراح وغيرها.
(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) حيث ظلموا أنفسهم بارتكاب المعاصي الموجبة للعقاب. واختلف في المراد بمن ، فقيل : هم اليهود الذين لم يحكموا بما أنزل الله ، وقيل : هو عامّ في كلّ أحد وهذا هو الظّاهر لعموم اللّفظ وهو يوجب أن يكون هذا الحكم ثابتا في شريعتنا وان كان مكتوبا في التوراة ولا خفاء في ذلك لتظافر الأخبار به وانعقاد إجماع الأمّة عليه.
الثامنة :
(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) سمّى الفعلة الثّانية سيّئة مع انّها ليست كذلك للازدواج أو لأنّها تسوء من تنزل به والمعنى انّه يجب فيما إذا قوبلت الإساءة أن تقابل بمثلها من غير زيادة أو تجاوز عمّا فعل به ، ونحوها في الدّلالة على اعتبار المجازاة والمكافاة من غير تجاوز عن المحدود قوله تعالى (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ). الآية).
(فَمَنْ عَفا) عمّاله المؤاخذة به (وَأَصْلَحَ) بينه وبين خصمه بالتّجاوز والإغضاء ويمكن أن يراد بالإصلاح العفو الحسن الغير المشتمل على الأذى والمنّة.
(فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) عدة مبهمة تدل على عظم الموعود به (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).
قال الشّيخ في التبيان : «قيل في معناه وجهان : أحدهما انّى لم ارغّبكم في العفو عن الظّالم لأنّي أحبّه بل لأنّي أحب الإحسان والعفو. والثّاني انّى لا أحبّ الظّالم بتعدّيه ما هو له الى ما ليس له في القصاص ولا غيره.
قلت : وعلى الثّاني فيه تنبيه على انّ الانتصار لا يكاد يؤمن فيه من يتجاوز السّوء والاعتداء خصوصا في حال التهاب الحميّة فربّما كان المجازي من الظّالمين وهو لا يشعر. وفيها دلالة واضحة على حسن العفو وعدم الانتقام فإنّه موجب للأجر العظيم كما أشعر به قوله تعالى (فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) فإنّ الّذي يكون على الله تعالى يكون شيء عظيم لا يقدر عليه غيره.