النّقل من الرّقبة إلى الصّوم لانّه تعالى انّما جوّز للقاتل العدول الى الصّيام تخفيفا ويكون كقوله (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ).
(وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بكلّ شيء من الأشياء (حَكِيماً) فيما يأمر به وينهى عنه مطلقا وخفاء الحكمة في بعض الأوقات علينا مثل التّوبة في هذا المقام وإيجاب الكفّارة والدّية مع عدم التكليف وكذا إيجابها على العاقلة من غير مدخليتّها لا يستلزم نفى الحكمة لقصور أفهامنا عن التّفكر لها والوصول الى العلم بها.
السابعة :
(وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها) اى فرضنا وأوجبنا على اليهود لتقدّم ذكرهم في التوراة (أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) اى يقتل بها إذا قتلها بغير حقّ (وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) أي تفقأ بها (وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ) اى يجدع به (وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ) اى يقطع بها (وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ) اى يقلع به (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) اى كلّ جرح يمكن القصاص فيه غير المذكورات كالشّفتين والذّكر والأنثيين واليدين والرّجلين ونحوها فإنّه يثبت لصاحبه القصاص فيه وكذا في الجراحات فإنّه يقتصّ بمثلها الواضحة بالواضحة والهاشمة بالهاشمة والمنقلة بالمنقلة الّا المأمومة والجائفة لعدم إمكان القصاص فيهما لبلوغ الأولى أمّ الرّأس والثّانية الجوف واستلزام القصاص فيهما التّغرير بالنّفس كما قالوه فيجب فيهما الدّية المقدّرة.
وكذا ما لا يمكن القصاص فيه من رضّ لحم أو فكّ عظم أو جراحة يخاف فيها التلف وفيها أرش مقدّرة معلومة في محالّها. وليس في الحكم إجمال بعد تفصيل بل عموم بعد خصوص ويخص من العموم بعض أفراده لأدلّة اقتضته. والقصاص مصدر يراد به المفعول اى الجروح مقاصّة بعضها ببعض.
(فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ) اى بالقصاص الّذي وجب له ، وتصدّقه به عبارة عن العفو عنه وإسقاطه من ذمّة الجاني (فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) اى للمتصدّق الّذي هو المجروح أو ولىّ الدّم يكفّر الله ذنوبه به وفيه حثّ على العفو وعن أبى بصير قال : سألت أبا عبد الله