كتاب القضاء والشهادات
وفيه آيات : الاولى ـ
(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) أمر له صلىاللهعليهوآلهوسلم بان يحكم بين أحبار اليهود بما انزل الله اليه وعدم جواز متابعة أهوائهم فيجب علينا ذلك أيضا والأمر للوجوب.
الثانية :
(فَلا وَرَبِّكَ) معناه فو ربّك لنسألنّهم ولا مزيدة لتأكيد معنى القسم كما زيدت في لئلّا يعلم لتأكيد وجوب العلم (لا يُؤْمِنُونَ) جواب القسم (حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) اختلف واختلط ومنه الشّجر لتداخل أغصانه والمعنى انّهم لا يزعمون أنّ الايمان يحصل لهم بمجرّد اللّسان مع المخالفة بالقلب وعدم الرّضا بالحكم إذا لم يوافق طباعهم وانّما تحصل لهم حقيقة الإيمان إذا جعلوك حاكما عليهم فيما وجد منهم من المخالفة في أمورهم.
(ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ) ممّا حكمت اى لا تضيق صدورهم من حكمك ولا التشكيك فيه (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) اى ينقادوا ويذعنوا لما تأتى به من قضائك لا يعارضونه بشيء وتسليما تأكيد للفعل بمنزلة تكريره كأنّه قيل : وينقادوا لحكمك انقيادا لا شبهة فيه بظاهرهم وباطنهم فإذا حصل منهم ذلك حصل منهم الايمان.
وفي الآية دلالة تامّة على الرّضا بالحقّ وعدم التّضجّر به بل هو مناف للايمان وليس ذلك مخصوصا به صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ الظّاهر أنّ ذلك لعدم متابعته صلىاللهعليهوآلهوسلم في أحكامه وهي الّتي نزل به القرآن ووردت به السّنّة المطهّرة فحيث ما تحقّق إنكار الحقّ من عالم بها ترتّب عليه الأمر المذكور إذ هو نفس إنكار حكمه صلىاللهعليهوآلهوسلم.