__________________
ـ المفارقة بالطلاق إذا أراد أحدهم استبدال زوج مكان زوج والتخلص ممن لا يحبها ولا يلائمها فلم ير للمتحابين مثل النكاح ولا للمتباغضين مثل الطلاق.
ثم كيف يكون نقمة والله تعالى يقول (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ) ويقول. (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ).
واما قولكم : ان الفروج يحتاط فنعم وهكذا قلنا سواء فانا احتطنا وأبقينا الزوجين على يقين النكاح حتى يأتي ما يزيله فإذا أخطأنا فخطاؤنا في جهة واحدة وان أصبنا فصوابنا في جهتين جهة الزوج الأول وجهة الثاني وأنتم ترتكبون أمرين تحريم الفرج على من كان حلالا له بيقين وإحلاله لغيره فان كان خطأ فهو خطأ من جهتين.
فتبين أنا أولى بالاحتياط منكم. وقد قال الإمام أحمد في رواية أبي طالب في طلاق السكران نظير هذا الاحتياط سواء فقال الذي لا يأمر بالطلاق انما أتى خصلة واحدة والذي يأمر بالطلاق أتى خصلتين حرمها عليه وأحلها لغيره فهذا خير من هذا.
واما قولكم : ان النكاح يدخل بالعزيمة والاحتياط يخرج منه بأدنى شيء. قلنا : لا يخرج منه الا بما نصبه الله سببا يخرج به منه واذن فيه واما ما ينصبه المؤمن من عنده ويجعله هو سببا للخروج منه فكلا.
فهذا منتهى اقدام الطائفتين في هذه المسئلة الضيقة المعتركة الوعرة المسلك التي يتجاذب أعنة أدلتها الفرسان ويتضائل لدى صولتها شجاعة الشجعان وانما نبهنا على مأخذها وأدلتها ليعلم الغر الذي بضاعته مزجاة ، أن هنا شيئا آخر وراء ما عنده ، وانه إذا كان قد قصر في العلم باعه فضعف خلف الدليل ، وتقاصر عن جني ثماره ذراعه ، فليعذر من شمر عن ساق عزمه وحام حول آثار رسول الله صلىاللهعليهوسلم وتحكيمها والتحاكم إليها بكل همة وان كان غير عاذر لمنازعته في قصوره ورغبته عن هذا الشأن البعيد ، فليعذر منازعة في رغبته عما ارتضاء لنفسه من محض التقليد ولينظر مع نفسه أيهما المعذور؟ واى السعيين أحق بأن يكون السعي المشكور؟ والله المستعان وهو الموفق للصواب الفاتح لمن أم بابه طالبا لمرضاته من الخير كل باب».
انتهى ما أردنا نقله من كلام ابن القيم الجوزية.
***