والمعنى طلّقوهن في زمان عدّتهنّ ، أي في زمان يصحّ احتسابه من العدّة ، وهو الطهر الّذي لم يواقعها فيه ، فانّ طهر المواقعة ليس من العدّة إجماعا فخرج عن كونه مرادا ، والطّلاق في الحيض لا يكون مأمورا به بل منهيّ عنه باتّفاق الأمّة ، فلم يبق إلّا الطّهر الّذي لم يواقعها فيه ، ويكون العدّة الطّهر على ما ذهب إليه أصحابنا وتابعهم الشّافعيّة فيه.
وما ذهب إليه في الكشاف من أنّ المعنى : فطلّقوهن مستقبلات لعدّتهن (١) ،
__________________
ـ وقتت بالواو من الوقت وذلك في الامام ، وفي كل المصاحف بالألف» انتهى.
ثم قال في نثر المرجان : ولا يقدح في القراءة بأنها لا يساعدها الرسم لأن القراءة بعد صحة النقل وموافقة العربية لا ضير لها بمخالفة الرسم على انه نقل رسمه بالواو أيضا قليلا كما يدل عليه قول الجزري في هامش مصحفه : وكذا هو في أكثر المصاحف انتهى يعني بالهمزة بيد أن الهمزة كافية في قرائته بالواو كما ان كسرة الجيم من جأى في سورة الفجر كافية في قرائته بالياء مع انه رسم بالألف. هذا ما سنح لي في توجيه المقام والله الموفق.
ثم اختلفوا في القاف فخففها أبو جعفر بخلاف عنه إذا قرئ بالواو وقرء الباقون بتشديد القاف من باب التفعيل فيصير فيه ثلاث قراءات بالهمزة مع التشديد ، وبالواو مع التشديد والتخفيف ، وبتطويل تاء التأنيث ساكنة على الوجوه ، وقرء ووقتت بواوين وإشباع الاولى وتخفيف القاف على زنة فوعلت من باب المفاعلة من المواقتة كذا في القاموس ولا يساعده الرسم» انتهى ما في نثر المرجان ونقل في القرطبي ج ١٨ ، ص ١٥٢ عن الجرجاني كون اللام بمعنى في مثل لأول الحشر.
(١) انظر الكشاف ج ٤ ، ص ٥٥٢. وقال ابن المنير في الانتصاف.
قال أحمد : حمل (بصيغة الماضي والمقصود الزمخشري) القراءتين المستفيضة والشاذة على ان وقت الطلاق هو الوقت الذي تكون العدة مستقبلة بالنسبة اليه ، وان ذلك معنى المستقبل فيها ونظر اللام فيها باللام في قولك مؤرخا الليلة : لليلة بقيت من المحرم وانما يعنى ان العدة بالحيض ، كل ذلك تحامل لمذهب أبي حنيفة في ان الأقراء الحيض ولا يتم له ذلك. فقد استدل أصحابنا بالقراءة المستفيضة وأكدوا الدلالة بالشاذة على ان الأقراء الأطهار.
ووجه الاستدلال لها على ذلك ان الله تعالى جعل العدة وان كانت في الأصل مصدرا ظرفا للطلاق المأمور به وكثيرا ما تستعمل العرب المصادر ظرفا مثل خفوق النجم ، ومقدم ـ