قال في تفسيره : وظاهره يدلّ على أنّ العدّة بالأطهار ، وانّ طلاق المعتدّة بالأقراء ينبغي أن يكون في الطّهر وانّه يحرم في الحيض من حيث إنّ الأمر بالشّيء يستلزم النّهى عن ضدّه ولا يدلّ على عدم وقوعه إذ النّهي لا يستلزم الفساد ، كيف وقد ورد؟؟؟ أنّ ابن عمر (١) لمّا طلّق امرأته حائضا امره رسول الله صلىاللهعليهوآله بالرّجعة وهو سبب نزولها.
قلت : ما ذكره من كون العدّة بالأطهار صحيح على ما عرفت ، والمراد بقوله : ينبغي أن يكون في الطّهر ، الوجوب ، وإطلاق لفظ ينبغي على الواجب دائر على ألسنة الفقهاء ، وكون الأمر بالشّيء يستلزم النّهى عن ضدّه مسلّم ، فإنّ المأمور به الطّلاق في العدّة وهو الطّهر ، وهو يستلزم النّهى عن الطّلاق في الحيض.
امّا ادّعائه عدم الدّلالة على عدم وقوعه فلا يخفى ما فيه امّا أوّلا فلكون النّهي يقتضي الفساد مطلقا كما ذهب إليه جماعة من الأصوليّين من أصحابنا ومن العامّة ، واختاره شيخنا أبو جعفر في كتبه وصرّح في التبيان هنا باقتضائه فساد المنهيّ عنه.
وامّا ثانيا فلكون الفساد معلوما من الآية فإنّه تعالى يبين للطّلاق وقتا معلوما أمر بوقوعه فيه ، وهو الوقت الخاصّ الصالح للعدّة كما هو مقتضى لام التّوقيت على ما عرفت ، فكأنّه قال : إذا أردتم الطّلاق الصّحيح فالواجب عليكم إيقاعه في وقت يصحّ فيه العدّة ، وهو الطّهر لا الحيض ، وهذا يقتضي أن لا يصح في غيره ، إذ هو بمثابة وقوع الشيء في غير وقته المحدود له شرعا ، وصحّته يتوقّف على الدّليل.
وما ذكره من الاستدلال برواية ابن عمر ، غير واضح الدلالة ، فإنّا لا نسلّم انّ المراد بالرّجعة فيها الرّجعة الشّرعيّة المستحقّة بعد طلاق صحيح ، بل الظّاهر انّها
__________________
ـ بمعنى في.
(١) هذا الحديث يوجد في كتبهم بحد لا يحتاج الى بيان المصدر ، وأخرجه في الكشاف ج ٤ ، ص ٥٥٣ وقال ابن حجر في تخريجه : متفق عليه انما الكلام في معنى المراجعة المأمور بها والحق مع المصنف ، وسننقل ان شاء الله كلام ابن القيم الجوزية وقد أوضح بأتم تبيين عدم دلالة الأمر بالمراجعة على الصحة وان كان ما افاده المصنف أيضا تاما أتم التمام لا يكاد يتوهم عليه أقل غبار فنور الله مضجعه الشريف.