وعن الحسن : هو الإسلام. وتقريب المماثلة بينهما أنّ المطر لا يتم منافعه إلا ومعه الرعد والبرق والظلمات ، فكذلك الإسلام تمامه باحتمال المتاعب في العبادات ، وتعريض النفس للقتل في الجهاد ، والمؤمنون يصبرون عليها ، والمنافقون يحذرون منها.
وتقريب آخر : إنّ المطر ـ وإن كان حياة الأرض ـ فإذا وقع على هذه الأعراض راع المسافر وحيّره ، فكذلك إيمان المنافق مع إسراره الكفر.
وقال في قوله تعالى :
(يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ). (٢٠)
إنّ من لم يكن له ضوء إلا لمع بارق فالضوء عنه بعيد.
وقد كثر هذا المعنى في أشعارهم ، قال جرير :
٢٧ ـ منعت شفاء النفس ممّن تركته |
|
به كالجوى مما تجنّ الجوانح |
٢٨ ـ وجدتك مثل البرق تحسب أنّه |
|
قريب وأدنى ضوئه عنك نازح (١) |
وقال كثير :
٢٩ ـ وإني وتهيامي بعزّة بعدما |
|
تخلّيت مما بيننا وتخلّت |
٣٠ ـ لكالمرتجي ظلّ الغمامة كلّما |
|
تبوّأ منها للمقيل اضمحلّت (٢) |
وقال ابن حطان (٣) :
__________________
(١) البيتان في ديوان جرير ص ٧٩.
(٢) البيتان في دلائل الإعجاز للجرجاني ص ٩٤ ؛ وخزانة الأدب ٥ / ٢١٤ ؛ وسر صناعة الإعراب ١ / ١٥٥ ؛ والشعر والشعراء ص ٣٤٣ ؛ والخصائص ١ / ٣٤٠ ؛ وديوانه ١٠٣.
(٣) عمران بن حطان ، كان تابعيا وأحد رؤوس الخوارج القعدية ، وله أبيات يمدح فيها ابن ملجم قاتل عليّ بن أبي طالب. وقد أخرج له البخاري وأبو داود ، قال ابن حجر : واعتذر عنه بأنه إنما خرّج عنه ما حدّث به قبل أن يبتدع. والبيتان في خزانة الأدب ٥ / ٣٦١ ؛ وكان يتمثل بهما سفيان الثوري ، وهما في تاريخ الإسلام للذهبي ١ / ٢٨٥. والثاني في عيون الأخبار ١ / ٨١ ؛ وربيع الأبرار ٤ / ٢١٦.