انتصب «مصدقا» بمعنى الحال ، والعامل فيه معنى الفعل ، كقولك : هو زيد حقا ، وهو زيد معروفا ؛ فأمّا هو زيد قائما فلا يصح حالا ، لأنّ الحال لا يعمل فيه إلا فعل أو معنى فعل ، وصحّ هو زيد معروفا ؛ لأنّ تقديره اعرف ذلك عرفانا.
وإنما جاز :
(فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ).
والمراد لم قتلتم ، لأنّه كالصفة اللازمة لهم ، كقولك للكذّاب : لم تكذب؟ وأنت تريد : لم كذبت؟ ولأنّ قرينة الحال تصرف اللفظ إلى الماضي وإن كانت الصيغة للاستقبال ، كقولك : من دخل داري ، إذا علقت به الجزاء انصرف إلى المستقبل.
(وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً). (٩٥)
اعترض ابن الراوندي بأنهم ربما تمنّوا بقلوبهم ، فمن أين علم أنهم لن يتمنوا بالقلوب؟ فيبطل التحدي بالتمني. والجواب : أنّ التمني لا يعرف إلا بالقول ، وله صيغة في اللغة وهي ليت ، ولا يخاطب بالتمني والمراد ما لا يمكن الوقوف.
(بِمُزَحْزِحِهِ). (٩٦)
بمباعده ، قال المتلمس (١) :
__________________
(١) في المخطوطة : «الملتمس». وهو تصحيف. «والأصل» وهو تصحيف. ويروى «أخوالي» بدل «إخواني». والمتلمس الضبعي اسمه جرير بن عبد المسيح وهو شاعر جاهلي ، كان ينادم عمرو بن هند ملك الحيرة ، وقوله زلفة : أي منزلة حسنة. والبيتان في ديوانه ص ١٥٥ ـ ١٦٠ إذ البيتان بينهما أبيات. وفي الصداقة والصديق ص ٣٨٨ ؛ والحيوان ٣ / ١٣٦ ؛ والأغاني ٢١ / ١٣٦.