(مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ). (٨٩)
من صفة الرسول المخبر به في التوراة ، وأنهم به ينصرون فكانوا يستفتحون بمبعثه ، ويستنصرون حتى قال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء : اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد وتصفونه (١).
وجواب : (لَمَّا جاءَهُمْ) محذوف عند الأخفش لدلالة الحال عليه.
وعن المبرّد جوابه وجواب (فَلَمَّا جاءَهُمْ) المكرر تأكيدا هو قوله : (كَفَرُوا بِهِ).
وقال الفراء : فاء (فَلَمَّا) جواب «ولما» ، و (كَفَرُوا) جواب فلمّا ، كقوله : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ)(٢).
(بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ). (٩٠)
أي : بئس شيء اشتروا به ، أي : باعوا به أنفسهم ، لأنّ الغرض واحد ، وهو إبدال ملك بملك. وموضع (أَنْ يَكْفُرُوا) خفض على موضع الهاء في (بِهِ) على البدل عند البصريين ، والتكرير عند الكوفيين. ويجوز رفعه على حد قولك : نعم رجلا زيد ، كأنه قيل : من الممدوح؟ فقلت : هو زيد.
(وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً). (٩١)
__________________
(١) أخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ١ / ٢٧٦ عن ابن عباس أنّ يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل مبعثه ، فلمّا بعثه الله من العرب كفروا به ، وجحدوا ما كانوا يقولون فيه ، فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء وداود بن سلمة : يا معشر يهود اتّقوا الله وأسلموا ، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك ، وتخبرونا بأنه مبعوث ، وتصفونه بصفته ، فقال سلام بن مشكم ـ أحد بني النضير ـ : ما جاءنا بشيء نعرفه ، وما هو بالذي كنا نذكر لكم ، فأنزل الله : (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ). راجع الدر المنثور ١ / ٢١٧ ؛ وتفسير الطبري ١ / ٤١١.
(٢) سورة البقرة : آية ٣٨.