أحد الحرفين موضع صاحبهما ، وإلا فلا يجوز : سرت إلى زيد. وأنت تريد : معه (١).
ووجه المقاربة في الآية ما في الحرفين من معنى الإضافة والمصاحبة ، كأنه قيل : من ينضاف في نصرتي إلى الله؟ فهو مثل : من ينضاف في نصرتي مع الله؟ وكذلك معنى الإضافة في اللام حاصل.
(قالَ الْحَوارِيُّونَ).
وتخفيف الحواريين في بعض القراءات مشكل ؛ لامتناع كسرة الياء المكسورة ما قبلها. إلا أن يقال : إنّ أصل الياء في الحواريين مشددة ، وإنما خفّفت استثقالا لتضعيف الياء ، فكانت الحركة حالة التخفيف تنبيها على إرادة معنى التشديد وتصويرا له.
(وَمَكَرَ اللهُ). (٥٤)
على مزاوجة الكلام. أو على المعنى الذي استثنياه في ابتداء الكتاب في الصفات أنها لا تكون على التوهم اللفظي بحسب المبتدأ ، ولكنها بحسب المنتهى والتمام (٢).
فالمكر ابتداؤه منا : إرادة أن نوقع الممكور به في شره ، وتمامه : يكون بتدبير خفي لا يطّلع عليه ، فهو من الله التدبير الخفي في ضرب يناله المستحق على وجه لم يحتسبه.
__________________
(١) كأنّ المؤلف ههنا ينقل عن ابن جني مع بعض التصرف. قال ابن جني : اعلم أنّ الفعل إذا كان بمعنى فعل آخر ، وكان أحدهما يتعدّى بحرف ، والآخر بحرف فإنّ العرب قد تتسع فتوقع أحد الحرفين موقع صاحبه إيذانا بأنّ هذا الفعل في معنى ذلك الآخر ، فلذلك جيء معه بالحرف المعتاد مع ما هو في معناه. ثم قال : وكذلك قول الله تعالى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) ، أي : مع الله ، وأنت لا تقول : سرت إلى زيد ، أي : معه ؛ لكنه إنما جاء (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) لمّا كان معناه : من يضاف في نصرتي إلى الله فجاز لذلك أن تأتي هنا «إلى». اه. راجع الخصائص ٢ / ٣٠٨ ـ ٣٠٩.
(٢) انظر صفحة ٩٨.