وقيل : كان بالاجتهاد ؛ لإضافة التحريم إليه. والاجتهاد للأنبياء جائز.
وكذلك تحريم الحلال غير جائز في شريعتنا ، وموجبه لكفّارة اليمين ، قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ)(١).
وكذلك يجوز أنّ يعقوب عليهالسلام توهّم في لحوم الإبل زيادة العلة عليه ، فحرّمها على نفسه بواحدة قطعا للشهوة ، وتصميما للعزيمة.
(بِبَكَّةَ). (٩٦)
بكة : مكة ، عن مجاهد. وموضع البيت. عن إبراهيم. وبطن مكة عن أبي عبيدة (٢).
وهي : من التباك. أي : الازدحام. وقيل : لأنها تبك أعناق الجبابرة. ما قالت الأعرابية في الجاهلية :
٢٤٧ ـ أبنيّ لا تظلم بمكّ |
|
ة لا الصغير ولا الكبير |
٢٤٨ ـ أبنيّ من يظلم ببك |
|
ة يلق أطراف الشرور (٣) |
(فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ). (٩٧)
من اجتماع الغزلان والذؤبان ، حتى إذا خرجت من الحرم عاد الذئب إلى الصّياد ، والغزال إلى النّفار ، ومن إهلاك من عتا فيه ، ومن قصة أصحاب الفيل ، ومن انجمار أثر الجمار مع طول مدة الرمي وكثرته (٤) ، ومن امتناع
__________________
(١) سورة التحريم : آية ١.
(٢) انظر مجاز القرآن ١ / ٩٦.
(٣) البيتان لسبيعة بنت الأحبّ تخاطب ابنا لها يقال له خالد ، تعظّم عليه حرمة مكة ، وتنهاه عن البغي فيها ، وراجع بقية الأبيات لها في الروض الأنف ١ / ٤١.
(٤) ذكر الأزرقي عن ابن خيثم أنه سأل أبا الطفيل عن هذه الجمار ترمى في الجاهلية والإسلام ، كيف لا تكون هضابا تسد الطريق؟ قال : سألت عنها ابن عباس فقال : إنّ الله تعالى وكلّ بها ملكا ، فما تقبّل منها رفع ، وما لم يتقبل منها ترك. وقال ابن عمر : والله ما قبل من امرىء حجّه إلا رفع حصاه. راجع تحفة الراكع الساجد ص ٩٣ ـ ٩٤.