في تمييز المؤمنين من المنافقين ، لما في ذلك من رفع المحنة ، ولكن يطلع أنبياءه على بعض الغيب بقدر المصلحة.
(بِقُرْبانٍ). (١٨٣)
القربان : هو التقرّب ، مصدر مثل : الرّجحان والخسران ، ثم سمي المتقرّب به توسعا.
(بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ). (١٨٤)
وإنما جمع بين الزبر والكتاب ؛ لأنّ أصلهما مختلف لأنّه زبور ، لما فيه من الزّبر ، أي : الزجر عن خلاف الحق ، وهو كتاب لأنه ضم الحروف بعضها إلى بعض.
(لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا). (١٨٨)
أي : اليهود الذين فرحوا بتكذيب النبي عليهالسلام ، والاجتماع على كتمان أمره (١) ، وخبر (لا تَحْسَبَنَ) الأولى (بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ) ، ودخل بينهما (فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ) لطول الكلام.
(سَمِعْنا مُنادِياً). (١٩٣)
__________________
(١) أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك قال : إن اليهود كتب بعضهم إلى بعض : إنّ محمدا ليس بنبي فأجمعوا كلمتكم ، وتمسكوا بدينكم وكتابكم الذي معكم ، ففعلوا ففرحوا بذلك ، وفرحوا باجتماعهم على الكفر بمحمد صلىاللهعليهوسلم. تفسير الطبري ٤ / ٢٠٦. وأخرج البخاري ومسلم وأحمد والترمذي أنّ مروان بن الحكم قال لبوّابه : اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل له : لئن كان كل امرىء منّا فرح بما أتى وأحبّ أن يحمد بما لم يفعل لنعذبنّ أجمعون أفقال ابن عباس : ما لكم ولهذه الآية!؟ إنما أنزلت هذه في أهل الكتاب ، ثم تلا ابن عباس ؛ (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ) وتلا : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا) فقال ابن عباس : سألهم النبي عن شيء فكتموه إياه ، وأخبروه بغيره فخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه ، واستحمدوا بذلك إليه ، وفرحوا بما أتوا من كتمان ما سألهم. انظر فتح الباري ٨ / ٢٣٣ ، ومسلم ٢٧٧٨ ؛ والترمذي ٣٠١٨.