وأصل الوحي : الإلقاء السريع ، ومنه : الوحى : السرعة ، والأمر الوحي (١).
(هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ). (١١٢)
أي : هل يطيع ربك إن سألت. استطاع بمعنى أطاع.
وقيل : هل يستجيب ، وبعضهم أجراه على ظاهره ، أي : هل يقدر ، على معنيين :
أحدهما : أنهم سألوا ذلك في ابتداء أمرهم ، قبل استحكام معرفتهم وإيمانهم.
والثاني : أنه بعد إيمانهم مزيد اليقين ، ولذلك قالوا :
(وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا). (١١٣)
كما قال إبراهيم : (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)(٢).
(وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ). (١١٦)
إنما جاز «إذ قال» وهو أمر مستقبل ، ـ وإذ لما مضى ـ لإرادة التقريب ، ولأنّه كائن لا يحول دونه حائل ، وإنما يقول الله ذلك توبيخا لأمته (٣).
وقيل : إعلاما له بهم لئلا يشفع لهم.
__________________
(١) قال أبو عبيدة : أوحيت بمعنى أمرت ، راجع القرطبي ٦ / ٣٦٣ ؛ ومجاز القرآن ١ / ١٨٢.
(٢) سورة البقرة : آية ٢٦٠.
(٣) أخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر وابن مردويه عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إذا كان يوم القيامة دعي بالأنبياء وأممها ، ثم يدعى بعيسى فيذكّره الله نعمته عليه فيقرّ بها. يقول : (يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ) الآية. ثم يقول : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) فينكر أن يكون قال ذلك ، فيؤتى بالنصارى فيسألون؟ فيقولون : نعم هو أمرنا بذلك فيطول شعر عيسى حتى يأخذ كل ملك من الملائكة بشعرة من شعر رأسه وجسده ، فيجاثيهم بين يدي الله مقدار ألف عام ، حتى يوقع عليهم الحجة ويرفع لهم الصليب وينطلق بهم إلى النار. وهو ضعيف.