آخرهم الذي يدبرهم ويعقبهم ، ومنه التدبير وهو : النظر في عواقب الأمور.
أي : لم يبق منهم خلف ولا عقب.
(وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ). (٥٣)
امتحنا الفقراء بالأغنياء في السعة والجدة ، والأغنياء بالفقراء في سبق الإسلام وغيره ، ليتبيّن صبرهم وشكرهم ومنافستهم في الدين والدنيا.
(لِيَقُولُوا).
لكي يقولوا ، فاللام للعاقبة كما قال :
٣٦٣ ـ لدوا للموت وابنوا للخراب |
|
فكلّكم يصير إلى التراب |
٣٦٤ ـ ألا يا موت لم أر منك بدّا |
|
أبيت فما تحيف ولا تحابي |
٣٦٥ ـ كأنك قد هجمت على مشيبي |
|
كما هجم المشيب على شبابي (١) |
قال كثيّر :
٣٦٦ ـ يغادرن عسب الوالقي وناصح |
|
تخصّ به أمّ السبيل عيالها (٢) |
(وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ). (٥٥)
ـ وإن جعلت الاستبانة متعدية ونصبت السبيل (٣) ، فتاء الخطاب للنبي عليهالسلام ، إذ سبق خطابه (وَإِذا جاءَكَ).
__________________
(١) الأبيات تنسب لعلي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ، وهي لأبي نواس في ديوانه ص ٢٠٠ ، وفي خزانة الأدب مع بعض التغيير ، وهي في الحماسة البصرية. والأول في التصريح ٢ / ١٢ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ٣٢ ؛ وخزانة الأدب ٩ / ٥٣٠ وكلها في بهجة المجالس ٣ / ٣٣٥ ؛ والحيوان ٣ / ٥١.
(٢) البيت في لسان العرب مادة : عسب. وهو من أبيات يصف خيلا أزلقت ما في بطونها من أولادها من التعب ، والعسب : الولد أو ماء الفحل ، يعني أن هذه الخيل ترمي بأجنّتها من هذين الفحلين فتأكلها الطير والسباع. وأم السبيل هنا : الضبع. وهو في ديوانه ص ٨٢.
(٣) قرأ نافع وأبو جعفر : (وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) بنصب السبيل. الإتحاف ص ٢٠٩.