(وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً). (١٢٥)
أي : ذا حرج ، وقيل : إنّه صفة كالحرج ، وليس بمصدر كما يقال : دنف ودنف وقمن وقمن. وهذا الكلام على طريقة المثل ، إذ كان القلب محلا للعلم والإيمان.
فوصف قلب من يستحق الإضلال بالضيق ، وأنّه على خلاف الشرح والانفساح ، وأنّه مطبوع على قلبه ، وأنّ قلبه كتان وغلاف ، كما وصف الجبان بأنه مفؤود ، وأنّه لا قلب له ، وأنه فارغ الصدر كما قال الله تعالى : (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ)(١) أي : فارغة ، ذوات هواء خالية من القلب. قال طفيل الغنوي :
٣٨٧ ـ ولقد أردى الفوارس يوم حسي |
|
غلاما غير منّاع المتاع |
٣٨٨ ـ ولا فرح بخير إن أتاه |
|
ولا جزع من الحدثان لاع |
٣٨٩ ـ ولا وقّافة والخيل تردي |
|
ولا خال كأنبوب اليراع (٢) |
(كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ).
أي : من ضيق صدره ، ونفوره عن الإسلام ، كمن يراد على ما لا يقدر عليه. كما قال الهذلي :
٣٩٠ ـ يظلّ على الثمراء منها جوارس |
|
مراضيع صهب الريش زغب رقابها |
__________________
(١) سورة إبراهيم : آية ٤٣.
(٢) الأبيات لطفيل بن عوف الغنوي ، يرثي بها زرعة بن عمرو ، وهي في نوادر أبي زيد ص ١٤٩ ؛ والوحشيات : ١٢٥. والثاني في اللسان مادة لوع ٨ / ٣٢٨ ؛ ونسبه لمرداس بن حصين ، والكامل للمبرد ١ / ١٧٧. أراد : ليس بخالي الجوف ولا طياش.