وهؤلاء كفروا بمن دلائل توحيده في أنفسهم صادقة ، وألسنة مواهبه على أحوالهم ناطقة.
قال المفضّل (١) قلت لمحمد بن سهل (٢) راوية الكميت (٣) : ما معنى قول الكميت في الرخمة :
٤٣٦ ـ وذات اسمين والألوان شتّى |
|
تحمّق وهي كيّسة الحويل |
٤٣٧ ـ لها خبّ تلوذ به فليست |
|
بضائعة الجنين ولا مذول (٤) |
ونحن لا نرى طائرا ألأم منها ولا أظهر موقا حتى صارت في ذلك مثلا؟ فقال : وما حمقها وهي تحضن بيضها ، وتحمي فرخها ، وتحب ولدها ، ولا تمكّن إلا زوجها ، وتقطع في أول القواطع ، وترجع في أول الرواجع ، ولا تطير في التحسير (٥) ، ولا تغتر بالشكير (٦) ، ولا تربّ بالوكور (٧) ، ولا تسقط على الجفير (٨)؟!.
(يُلْحِدُونَ). (١٨٠)
لحد وألحد : مال عن الحق. وقال الفراء : لحد : مال ، وألحد : اعترض.
إلحادهم في أسماء الله : قولهم : اللات من الله ، والعزى من العزيز.
(سَنَسْتَدْرِجُهُمْ). (١٨٢)
__________________
(١) المفضل بن محمد الضبيّ ، كان راوية للأدب والأخبار وأيام العرب ، موثقا في روايته. روى عنه الفراء وغيره ، راجع إنباه الرواة ٣ / ٣٠٤.
(٢) راجع وفيات الأعيان ٥ / ٢١٩.
(٣) الكميت بن زيد ، انظر خبره في معجم الشعراء ص ١٧٠.
(٤) البيتان في الحيوان للجاحظ ٧ / ١٨ والرواية هناك مطولة ، والمؤلف ههنا اختصرها ، ونهاية الأرب ١٠ / ٨. والأول مع الخبر في المعاني الكبير ١ / ٢٩٠.
(٥) أي : تدع الطيران أيام التحسير وهو التعب.
(٦) الشكير : أول ما ينبت من الريش ، فإنها لا تنهض حتى يصير الشكير قصبا.
(٧) أي : لا ترضى إلا بأعالي الهضاب ، من قولهم : أربّ بالمكان : أقام به ولم يبرحه.
(٨) يعني : جعبة السهام ، يقول : هي لا تسقط في موضع تخاف فيه وقع السهام.