يعني : القرآن ، فإنّه في عموم نفعه كالمطر ، نفع حيث وقع ، كما قيل :
٦٠٣ ـ ليهنك أنّي لم أجد لك عائبا |
|
سوى حاسد والحاسدون كثير |
٦٠٤ ـ وأنّك مثل الغيث أمّا وقوعه |
|
فخصب وأمّا ماؤه فطهور (١) |
وأيضا فإنّ نفع المطر يختلف باختلاف الأودية ، كذلك نفع القرآن باختلاف المتدبرين.
(فَيَذْهَبُ جُفاءً). (١٧)
وجفاء السيل وخبث ما يذاب من الجواهر مثل الباطل وذهابه.
وصفو الماء مثل الحق في بقائه ونقائه.
(طُوبى لَهُمْ). (٢٩)
نعمى لهم.
وقيل : حسنى. وهو فعلى من الطّيب.
(وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً).
نزلت حين سألت قريش هذه الأشياء (٢) ، وإنما حذف جوابه ؛ ليكون أبلغ في العبارة وأعمّ في الفائدة ، كما قال امرؤ القيس :
٦٠٥ ـ فلو أنّها نفس تموت كريمة |
|
ولكنّها نفس تساقط أنفسا (٣) |
__________________
(١) البيتان لمالك بن الرّيب ، وهما في الحماسة البصرية ١ / ١٥٦ ؛ ومعجم الأدباء ١٥ / ٨٩.
(٢) أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن عطية العوفي قال : قالوا لمحمد صلىاللهعليهوسلم : لو سيّرت لنا جبال مكة حتى تتسع فنحرت فيها ، أو قطعت لنا الأرض كما كان سليمان عليهالسلام يقطع لقومه بالريح ، أو أحييت لنا الموتى كما كان عيسى عليهالسلام يحيي الموتى لقومه فأنزل الله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً). الآية.
(٣) البيت في ديوانه ص ٨٧ ويروى [تموت جميعة] بدل [كريمة] ؛ وتفسير القرطبي ٩ / ٣١٩ يريد : تموت مرة واحدة ، لكنّ المرض يأخذ منها شيئا فشيئا.