وأصل هذه الكلمة من عضة منقوصة ، وكانت عضوة ، كعزة وعزين وبرة وبرين ، ولهذا قال تجمع على عضوات.
(فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) (٩٢) (٩٣)
والتوفيق بين قوله تعالى : (لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) وقوله : (لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ)(١) ما قاله ابن عباس : إنه لا يسأل هل أذنبتم لعلمه بذلك ، ولكن لم أذنبتم.
ـ وذكر عكرمة أن المواقف مختلفة ، يسأل في بعضها ، أو يسأل في بعض اليوم ولا يسأل في بعضه ، كقوله : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ)(٢) ، ثم قال : (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ).(٣)
إلا أنّ جميع أوقات اليوم ومواقفه داخل تحت اللفظ ، لا سيما عندنا فإنّ العموم لا يقتضي الخصوص ، وكذلك إذا ورد خاص عندنا في حادثة بعد عام لا يكون ذلك بيانا ، ولكن نسخا ، والنسخ في الأحكام لا في الأخبار.
فأولى أن المراد هو النطق المسموع المقبول الذي تقوم به حجة ، وتظهر معذرة فإذا لم يكن عندهم ذلك كأن لم ينطقوا ولا يسألوا ، على مجاز قول الدارمي :
٦٤٢ ـ أعمى إذا جارتي خرجت |
|
حتى يواري جارتي الخدر |
٦٤٣ ـ ويصمّ عمّا كان بينهما |
|
أذني وما بي غيره وقر (٤) |
__________________
(١) سورة الرحمن : آية ٣٩.
(٢) سورة المرسلات : آية ٣٥.
(٣) سورة الزمر : آية ٣١.
(٤) البيتان لمسكين وقبلهما :
ناري ونار الجار واحدة |
|
وإليه قبلي تنزل القدر |
ما ضرّ جارا لي أجاوره |
|
ألا يكون لبابه ستر |
راجع الشعر والشعراء ص ٣٦٦ ؛ ولباب الآداب ص ٢٦٥ ، وأمالي المرتضى ١ / ٤٤ ؛ وديوان مسكين ص ٤٤ ؛ والصاحبي ص ٤٣٦.