وقد أنشد بندار بن لرّة (١) أيضا :
٦٥٤ ـ تخوّفتني مالي فأذهبت طارفي |
|
وتالد مالي فصرت أخا الفقر |
٦٥٥ ـ وكنت كذي بئر غدا نزف مائها |
|
إلى نزح ما فيها إلى آخر القعر |
وفي شعر الهذليين أيضا :
٦٥٦ ـ فقلت له : لا المرء مالك أمره |
|
ولا هو في جذم العشيرة عائد |
٦٥٧ ـ أسيت على جذم العشيرة أصبحت |
|
تخوّف منها حافة وطرائد (٢) |
فيكون اللفظ من قوله : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) والمعنى من قوله : (نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها)(٣).
__________________
ـ وهو يصف ناقة تنقّص السير سنامها بعد ارتفاعه واكتنازه. تامكا : مرتفعا. والسفن : ما ينجر به الخشب. ويروى [قردا] بدل [صلبا]. ـ وعن الهيثم بن عدي قال : قلت لحمّاد الرواية يوما : ألق عليّ ما شئت من الشعر أفسره لك. فضحك وقال لي : ما معنى قول مزاحم الثمالي :
تخوّف السير منها تامكا قردا |
|
كما تخوّف عود النبعة السفن |
فلم أدر ما أقول. فقال : تخوّف : تنقص. قال الله عزوجل : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ). أي : على تنقص. قال الهيثم : ما رأيت رجلا أعلم بكلام العرب من حمّاد. راجع الأغاني ٥ / ١٥٧.
(١) هو بندار بن عبد الحميد ، أبو عمرو الكرخي الأصبهاني ، يعرف بابن لرّة ، لغوي راوية للأخبار والأشعار ، مكثر حافظ لآثار العرب ونوادرها. قال ابن الأنباري : كان بندار يحفظ سبعمائة قصيدة ؛ أول كل قصيدة : «بانت سعاد». قال عنه المبرد : كان واحد زمانه في رواية دواوين شعراء العرب ، حتى كان لا يشذّ عن حفظه من شعر شعراء الجاهلية والإسلام إلا القليل. أخذ عن القاسم بن سلّام ، وعنه ابن كيسان ، نقل عنه القالي في أماليه ، والبغدادي في الخزانة. له كتاب «معاني الشعر» و «جامع اللغة». ولعلّ البيتين في كتاب معاني الشعر له.
(٢) البيتان لأسامة بن الحارث الهذلي. وهما في شرح أشعار الهذليين ٣ / ١٢٩٦. وقوله : أسيت : حزنت ، والجذم : الأصل. وفي الديوان [تقوّر] بدل [تخوّف].
(٣) سورة الرعد : آية ٤١.