أي : نظر إليها ورآها ، فجعل النظر ذوقا.
وقيل : معنى ذاق : جرّبها بالمر ، فكذلك تكون الإذاقة في الآية بمعنى الابتلاء لأنّ الابتلاء والتجريب متقاربان.
وابن مقبل زاد عليه وجعل الذوق التداول فقال :
٦٧١ ـ يهززن للمشي أوصالا منعّمة |
|
هزّ الكماة ضحى عيدان يبرينا |
٦٧٢ ـ أو كاهتزاز ردينيّ تذاوقه |
|
أيدي التّجار فزادوا متنه لينا (١) |
وعلى أنّ هذه اللفظة كثيرة الوقوع في الشدائد ، لأنّ صاحبها يجد وقعها كما يجد الذائق الطعم (٢) ، فوق ما يجد المستمرّ على الأكل. قال الله تعالى : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ)(٣).
وقال الراجز :
٦٧٣ ـ دونك ما جنيته فاحس وذق |
|
قد حذّرتك آل المصطلق (٤) |
ـ وقد سأل بعض الملاحدة ابن الأعرابي عن هذه ، وقال : تقول العرب : ذقت اللباس؟
__________________
(١) البيتان في لسان العرب : ذوق ١٠ / ١١٢ ؛ والشعر والشعراء ص ٢٩٩ ؛ وجمهرة أشعار العرب ٢ / ٨٦٤ ؛ وأمالي القالي ١ / ٢٢٩ ، وديوانه ص ٣٢٧.
(٢) قال الزمخشري : أمّا الإذاقة فقد جرت عندهم مجرى الحقيقة لشيوعها في البلايا والشدائد ، وما يمس الناس منها ، فيقولون : ذاق فلان البؤس والضرّ ، وأذاقه العذاب. شبّه ما يدرك من أثر الضرر والألم بما يدرك من طعم المرّ والبشع. راجع الكشاف ٢ / ٣٤٦.
(٣) سورة الدخان : آية ٤٩.
(٤) الرجز في الكامل لابن الأثير ٣ / ٥٠٩ ، وقد تمثل به معاوية لما عهد بالخلافة لابنه ، وتمامه :
قد كنت حذّرتك آل المصطلق |
|
وقلت يا عمرو : أطعني وانطلق |
إنّك إن كلّفتني ما لم أطق |
|
ساءك ما سرّك مني من خلق |
دونك ما استسقيته فاحس وذق |
والرجز لعامر بن خالد بن جعفر ، وهو في الوحشيات ص ٥١ ؛ والاشتقاق ص ٢٩٧ ، ولم ينسبه المحقق عبد السّلام هارون.